للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محتاجان لدليل على ذلك، وكذلك حَمَلا قوله في حديث سهل: "من نابه شيء في صلاته" على نائبٍ مخصوصٍ، وهو إرادة الإعلام بأنه في الصلاة، والأصل عدم هذا التخصيص؛ لأنه عامّ؛ لكونه نكرةً في سياق الشرط، فيتناول النائب الذي يحتاج معه إلى الجواب، والنائب الذي يحتاج معه إلى الإعلام بأنه في الصلاة، فالحمل على أحدهما من غير دليل لا يمكن المصير إليه، كيف والواقعة التي هي سبب الحديث لم يكن القصد فيها الإعلام بأنه في الصلاة، وإنما كان القصد تنبيه الصديق -رضي اللَّه عنه- على حضور النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأرشدهم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أنه كان حقهم عند هذا النائب التسبيح، وكذا عند كل نائب، وقد اتفقوا على أن السبب لا يجوز إخراجه.

ومن هنا رد الشافعيّة على الحنفية في قولهم: إن الأَمَة لا تكون فِرَاشًا بأن قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الولد للفراش" إنما ورد في أمة، والسبب لا يجوز إخراجه بلا خلاف، وعن أحمد رواية مثل قول أبي حنيفة، أفاده العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن الحقّ ما ذهب إليه الشافعيّة، والحنابلة أن من نابه شيء مطلقًا في صلاته فليُسبّح؛ لوضوح أدلّته، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم التصفيق للنساء:

ذهب الشافعيّ، وأحمد، والجمهور -رحمهم اللَّه تعالى- إلى أنه إذا ناب المرأة في صلاتها شيء ينبغي لها أن تُصَفِّق.

وخالف في ذلك مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فسَوّى في ذلك بين الرجل والمرأة، وقال: إن المشروع في حقها التسبيح كالرجل، وضَعَّف أمر التصفيق للنساء.

وحَكَى أبو العباس القرطبيّ عن مشهور قول مالك أنه لا يجوز أن يفعله في الصلاة لا الرجال ولا النساء.

وحَكَى القاضي عياض عن أبي حنيفة أنه رأى فساد صلاة المرأة إذا صَفَّقت في صلاتها، قال: وخَطَّأ أصحابه هذا القول، وقال الأبهريّ من المالكية: إن صَفَّقت المرأة لم تبطل صلاتها، غير أن المختار التسبيح.

وذكر ابن عبد البرّ في توجيه قول مالك أنه أخذ بظاهر قوله في حديث سهل بن سعد -رضي اللَّه عنه-: "من نابه شيء في صلاته فليسبّح"، قال: وهذا على