للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"باب السلام للتحلّل من الصلاة" برقم (٥٨١) -إن شاء اللَّه تعالى-.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والواجب منه السلام عليكم مرة واحدة، ولو قال: السلام عليك بغير ميم لم تصحّ صلاته، وفيه دليل على استحباب تسليمتين، وهذا مذهبنا، ومذهب الجمهور. انتهى كلام النوويّ (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: وقوله: "والواجب مرّة واحدة" محلّ تأمّل؛ لأنه قد ثبت قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وتحليلها التسليم"، وهو يعمّ التسليمتين، كما ثبت عنه ذلك فعلًا، فكيف يكون الواجب مرّة واحدةً؟ فهذا قول لا دليل عليه، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

٩ - (ومنها): النهي عن التفرّق أحزابًا، بل يجب أن يكون المسلمون صفًّا واحدًا تجمعهم كلمة الحقّ، وتربطهم أخوّة الإيمان، لا يلوون عنقهم إلى القوميّة، ولا إلى الوطن، ولا إلى غير ذلك مما لا صلة له بالدين، وإنما هم يدٌ واحدة على من سواهم، كما وصفهم بذلك النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث قال فيما أخرجه النسائيّ، وغيره، وأصله في "الصحيحين" من حديث عليّ -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "المؤمنون تَكَافَأُ دماؤهم، وهم يَدٌ على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم. . . " الحديث.

وفي "الصحيحين" عن النعمان بن بشير -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مثل المؤمنين في توادّهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مثلُ الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الجسد بالسَّهَر والْحُمَّى"، ولفظ البخاريّ: "ترى المؤمنين في تراحمهم، وتوادّهم، وتعاطفهم. . . " الحديث، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

[تنبيه]: قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قد ذكر ابن القصّار هذا الحديث حجة في النهي عن رفع الأيدي في الصلاة على رواية المنع من ذلك جملة، وذكر أن في ذلك نزلت: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} الآية [النساء: ٧٧]، قال: والمفسّرون في سبب نزول الآية على غير هذا. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي نُقل عن ابن القصّار إن أراد المنع في


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ١٥٣.
(٢) "إكمال المعلم" ٢/ ٣٤٤.