للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(أُولُو الْأَحْلَامِ) أي ذوو العقول الراجحة، واحدها حِلْمٌ بكسر، فسكون، قال في "اللسان": الْحِلْم بالكسر: الأناة، والعقل، جمعه أَحْلامٌ، وحُلُومٌ، وفي التنزيل العزيز: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا} الآية [الطور: ٣٢]، قال جرير [من البسيط]:

هَلْ مِنْ حُلُومٍ لأَقْوَامٍ فَتُنْذِرُهُمْ … مَا جَرَّبَ النَّاسُ مِنْ عَضِّي وَتَضْرِيسِي

قال ابن سِيدَهْ: وهذا أحد ما جُمِع من المصادر. انتهى (١).

وقال في "المرقاة": الْحِلْم بالكسر: الأناة، والتثبّت في الأمور، والسكون، والوقارُ، وضبط النفس عند هَيَجَان الغضب، ويُفسّر بالعقل؛ لأن هذه الأمور من مقتضيات العقل، والعقلُ الراجح يتسبّب لها، وقيل: "أولو الأحلام": البالغون، والْحُلُم بضمّ الحاء البلوغ، وأصله ما يراه النائم. انتهى (٢).

(وَالنُّهَى) بضم النون، وفتح الهاء مقصورًا: جمع نُهْيَة بالضمّ بمعنى العقل؛ سمّي به لأنه ينهى صاحبه عن القبائح.

وقال في "اللسان": "النُّهَى": العقلُ يكون واحدًا وجَمْعًا، وفي التنزيل العزيز: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى} [طه: ٥٤]، والنُّهْيةُ بالضمّ: العقلُ، سُمّيت بذلك؛ لأنها تنهى عن القبيح، وأنشد ابن بَرّيّ للخَنْسَاء [من الطويل]:

فَتًى كَانَ ذَا حِلْمٍ أَصِيلٍ وَنُهْيَةٍ … إِذَا مَا الْحُبَا مِنْ طَائِفِ الْجَهْلِ حُلَّتِ

ومن هنا اختار بعضهم أن يكون النُّهَى جمع نُهْية، وقد صَرَّح اللِّحْيانيّ بأنّ النُّهَى جمع نُهْيَةٍ، فأغنى عن التأويل. انتهى (٣).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "أولو الأحلام": هم العقلاء، وقيل: البالغون، و"النُّهَى" -بضم النون-: العقول، فعلى قول من يقول: "أولو الأحلام": العقلاء يكون اللفظان بمعنًى، فلما اختَلَف اللفظ عُطِف أحدهما على الآخر تأكيدًا، وعلى الثاني معناه: البالغون العقلاء، قال أهل اللغة: واحدة النُّهَى نُهْية -بضم النون- وهي العقل، ورجلٌ نَهٍ -بفتح، فكسر- من قوم نَهِينَ،


(١) "لسان العرب" ١٢/ ١٤٦.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ٣/ ١٧١ - ١٧٢.
(٣) "لسان العرب" ١٥/ ٣٤٦.