للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبيد، عن هشيم، عن عبد اللَّه بن شبرمة، قال: تشاحّ الناس في الأذان بالقادسية، فاختصموا إلى سعد بن أبي وقاص، فأقرع بينهم، وهذا منقطع، وقد وصله سيف بن عمر في "الفتوح"، والطبريّ من طريقه عنه، عن عبد اللَّه بن شُبْرُمة، عن شقيق، وهو أبو وائل، قال: افتتحنا القادسيّة صدر النهار، فتراجعنا، وقد أُصيب المؤذن، فذكره، وزاد: "فخرجت القرعة لرجل منهم، فأذّن" (١).

وقوله: (عَلَيْهِ) أي على ما ذُكِرَ؛ لِيَشْمَل الأمرين: الأذان، والصف الأول، وقال ابن عبد البر: الهاء عائدة على الصف الأول، لا على النداء، وهو حقّ الكلام؛ لأن الضمير يعود لأقرب مذكور، ونازعه القرطبيّ، وقال: إنه يلزم منه أن يبقى النداء ضائعًا لا فائدة له، قال: والضمير يعود على معنى الكلام المتقدم، ومثله قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} الآية [الفرقان: ٦٨] أي جميع ذلك.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما قاله القرطبيّ أولى؛ لأنه تؤيّده رواية عبد الرزاق له، عن مالك، بلفظ: "لاستَهَموا عليهما"، فقد بيّنت المراد بالضمير في هذه الرواية، فتبصّر.

وقوله: (لَاسْتَهَمُوا) جواب "لو"؛ أي لاقترعوا على ما ذُكِرَ، والاستهام: بمعنى الاقتراع، ومنه قوله تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١)} [الصافات: ١٤١]، قال الخطابيّ، وغيره: قيل له: الاستهام؛ لأنهم كانوا يكتبون أسماءهم على سهام إذا اختلفوا في الشيء، فمن خرج سهمه غَلَب. انتهى.

قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فلَمّا فرغ من الترغيب في الاستباق إلى الصفّ الأول عقّبه بالترغيب في إدراك أوّل الوقت، ولذا أوجب أن يفسّر التهجير بالتبكير، كما ذهب إليه الكثيرون (وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ) أي التبكير إلى الصلاة، قاله الهرويّ، وحمله الخليل وغيره على ظاهره، فقالوا: المراد الإتيان إلى صلاة الظهر في أول الوقت؛ لأن التهجير مشتقّ من الهاجرة، وهي شدّة الحرّ


(١) "الفتح" ٢/ ١١٥.