للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أُمِنت المفسدة منهنّ، وعليهنّ. انتهى (١).

[فائدة]: قال ابن بطال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ويخرج من هذا الحديث أن الرجل إذا استأذنته امرأته إلى الحجّ لا يمنعها، فيكون وجه نهيه عن مسجد اللَّه الحرام لأداء فريضة الحج نهي إيجاب، قال: وهو قول مالك، والشافعيّ في أن المرأة ليس لزوجها منعها من الحج. انتهى.

قال العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وما نقله عن الشافعيّ هو أحد قوليه، والقول الآخر، وهو الأظهر عند أصحابه أن له منعها من حج الفرض، ولا يلزم من الإذن لها في المسجد القريب الإذن في الحج الذي يَحتاج إلى سفر، ونفقة، وأعمال كثيرة. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: القول بمنع المرأة عن فرض الحجّ مما لا وجه له، فإذا كان الشارع نهى الرجال عن منع النساء لأداء صلاة الجماعة التي هي مستحبّة في حقّ النساء، فكيف بفريضة الحجّ؟ وما ذكروه من السفر والنفقة وغير ذلك فليس له وجه في المنع؛ لأن اللَّه تعالى حين فرضه فرضه مع هذه المشاقّ كلها، ولم يرخّص لأحد مع الاستطاعة أن يتساهل في أدائه، بل هدّد في ذلك حيث قال بعد قوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٩٧]، فترك فرض الحج خطر عظيم على الناس جميعًا، رجالًا ونساءً، فتأمله بالإنصاف، واللَّه تعالى أعلم.

(قَالَ) ابن شهاب (فَقَالَ بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) بن عمر، هكذا في هذه الرواية تسميته بلالًا، وكذا في رواية كعب بن علقمة، عن بلال بن عبد اللَّه نفسه الآتية، ووقع في رواية عمرو بن دينار، عن مجاهد، عن ابن عمر الآتية تسميته بواقد، ووقع في رواية الأعمش، عن مجاهد بلفظ: "فقال ابن لعبد اللَّه بن عمر"، فأبهمه.

وقد أخرج البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- الحديث بدون ذكر القضة، قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولم أر لهذه القصة ذكرًا في شيء من الطرق التي أخرجها البخاري لهذا الحديث، وقد أوهم صنيع صاحب "العمدة" خلاف ذلك، ولم يتعرض لبيان


(١) "الفتح" ٢/ ٤٠٤.
(٢) "طرح التثريب" ٢/ ٣١٧.