ذلك أحدٌ من شُرّاحه، وأظنّ البخاري اختصرها؛ للاختلاف في تسمية ابن عبد اللَّه بن عمر، فقد رواه مسلم من وجه آخر عن ابن عمر، وسَمَّى الابن بلالًا، فأخرجه من طريق كعب بن علقمة، عن بلال بن عبد اللَّه بن عمر، عن أبيه، بلفظ:"لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد، إذا استأذنَّكم، فقال بلال: واللَّه لنمنعهن. . . " الحديث، وللطبرانيّ من طريق عبد اللَّه بن هُبيرة، عن بلال بن عبد اللَّه نحوه، وفيه:"فقلت: أمّا أنا فسأمنع أهلي، فمن شاء فَلْيُسَرِّحْ أهله"، وفي رواية يونس، عن ابن شهاب الزهريّ، عن سالم في هذا الحديث:"قال: فقال بلال بن عبد اللَّه: واللَّه لنمنعهن"، ومثله في رواية عُقَيل عند أحمد، وعنده في رواية شعبة، عن الأعمش المذكورة: فقال سالم، أو بعض بنيه:"واللَّه لا نَدَعُهُنّ يتخذنه دَغَلًا. . . " الحديث.
والراجح من هذا أن صاحب القصّة بلالٌ؛ لورود ذلك من روايته نفسِهِ، ومن رواية أخيه سالم، ولم يُخْتَلَف عليهما في ذلك، وأما هذه الرواية الأخيرة فمرجوحة؛ لوقوع الشك فيها.
قال الحافظ: ولم أره مع ذلك في شيء من الروايات عن الأعمش مُسَمًّى، ولا عن شيخه مجاهد، فقد أخرجه أحمد، من رواية إبراهيم بن مهاجر، وابن أبي نَجِيح، وليث بن أبي سُليم كلهم عن مجاهد، ولم يسمِّه أحدٌ منهم، فإن كانت رواية عمرو بن دينار، عن مجاهد محفوظةً في تسميته واقدًا، فَيَحْتَمِلُ أن يكون كلٌّ من بلال وواقد وقع منه ذلك، إما في مجلس، أو في مجلسين، وأجاب ابن عمر كلًّا منهما بجواب يليق به.
ويُقَوِّيه اختلاف النَّقَلَة في جواب ابن عمر، ففي رواية بلال عند مسلم:"فأقبل عليه عبد اللَّه، فسَبّه سبًّا سيِّئًا، ما سمعته يسبه مثله قط"، وفسّر عبد اللَّه بن هُبيرة في رواية الطبرانيّ السبَّ المذكور باللعن ثلاث مرّات، وفي رواية زائدة، عن الأعمش:"فانتهره، وقال: أُفّ لك"، وله عن ابن نُمَير، عن الأعمش:"فَعَل اللَّه بك، وفعل"، ومثله للترمذيّ من رواية عيسى بن يونس، ولمسلم من رواية أبي معاوية:"فَزَبَره"، ولأبي داود من رواية جرير:"فسَبَّه، وغَضِبَ"، فيَحْتَمِل أن يكون بلال البادئ فلذلك أجابه بالسبّ المفسر باللعن، وأن يكون واقد بدأه فلذلك أجابه بالسبّ المفسر بالتأفيف، مع الدفع في صدره، وكأن