للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: والحديث عامّ في النساء، ولكن الفقهاء قد خصصوه بشروط وحالات:

منها: أن لا يتطيبن، وهذا الشرط مذكور في الحديث، ففي بعض الروايات: "ولْيَخْرُجْن تَفِلات" (١)، وفي بعضها: "إذا شَهِدت إحداكنّ المسجد، فلا تمس طيبًا"، وفي بعضها: "إذا شَهِدت إحداكنّ العشاء، فلا تطيّب تلك الليلة".

فيُلْحَق بالطيب ما في معناه، فإن الطيب إنما مُنِع منه لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم، وربما يكون سببًا لتحريك شهوة المرأة أيضًا، فما أوجب هذا المعنى التَحَقَ به، وقد صحَّ أن النبيّ -صلي اللَّه عليه وسلم- قال: "أيما امرأة أصابت بَخُورًا (٢)، فلا تشهد معنا العشاء الآخرة"، ويُلْحَق به أيضًا حُسْن الملابس، ولبس الحليّ الذي يظهر أثره في الزينة، وحَمَل بعضهم قول عائشة -رضي اللَّه عنها- في "الصحيحين": "لو أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى ما أحدثت النساء بعده، لمنعهن المساجد، كما مُنِعت نساء بني إسرائيل" على هذا، تعني إحداث حسن الملابس والطيب والزينة.

قال: ومما خَصّ به بعضهم هذا الحديث أن منع الخروج إلى المسجد للمرأة الجميلة المشهورة جائز.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا القول غير صحيح، فإن النصّ عامّ يتناول الجميلة وغيرها، ومما يردّه ما أخرجه الترمذيّ، والنسائيّ، وابن ماجه، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: "كانت امرأة تصلّي خلف النبيّ -صلي اللَّه عليه وسلم- حسناء من أحسن الناس، فكان بعض القوم يستقدم في الصف الأول؛ لئلا يراها، ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر، فإذا ركع قال هكذا، ينظر من تحت


(١) قوله: "تَفِلات" هو بفتح التاء المثناة من فوقُ وكسر الفاء: جمع تَفِلَة، مأخوذ من التَفَل بفتحهما، وهو الريح الكريهة، والمراد به: ليخرجن تاركات للطيب، ومنه الحديث الآخر: "الحاجّ الشَّعث التَّفِلُ". قاله في "طرح التثريب" ٢/ ٣١٦.
(٢) "البَخُور" بفتح الباء الموحدة: ما يُتَبَخَّر به، من عُود، أو لُبَان، أو غيرهما، قاله في "الطرح" ٢/ ٣١٦.