كاهن لنا، يقال له: خطر بن مالك، وكان شيخًا كبيرًا، قد أتت عليه مائتان وستة وثمانون سنةً، فقلنا: يا خطر هل عندك علمٌ من هذه النجوم التي يُرْمَى بها، فإنا فَزِعنا منها، وخِفْنا سوء عاقبتها. . . الحديث، وفيه: فانقضّ نجم عظيم من السماء، فصرخ الكاهن رافعًا صوته:
الحديث بطوله، قال أبو عمر: سنده ضعيف جدًّا، ولو كان فيه حكم لما ذكرته؛ لكونه عَلَمًا من أعلام النبوة والأصول.
[فإن قبل]: إذا كان الرمي بها غُلِّظَ وشُدّد بسبب نزول الوحي، فهلا انقطع بانقطاع الوحي، بموت النبيّ -صلي اللَّه عليه وسلم-، ونحن نشاهدها الآن يرمى بها.
[فالجواب]: يؤخذ مما تقدّم من حديث الزهريّ عند مسلم (١)، ففيه:"قالوا: كنا نقول: وُلِدَ الليلة رجل عظيمٌ، ومات رجل عظيمٌ، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإنها لا تُرْمَى لموت أحد، ولا لحياته، ولكن رَبّنا إذا قضى أمرًا أخبر أهلُ السماوات بعضهم بعضًا حتى يبلغ الخبر السماء الدنيا، فيخطف الجنّ السمع، فَيَقْذِفُون به إلى أوليائهم".
فيؤخذ من ذلك أن سبب التغليظ والحفظ لم ينقطع؛ لِمَا يتجدد من الحوادث التي تُلْقَى بأمره إلى الملائكة، فإن الشياطين مع شدّة التغليظ عليهم في ذلك بعد المبعث، لم ينقطع طمعهم في استراق السمع في زمن النبيّ -صلي اللَّه عليه وسلم-، فكيف بما بعده؟.
وقد قال عمر -رضي اللَّه عنه- لغيلان بن سلمة لَمّا طَلَّق نساءه: إني أحسب أن الشياطين فيما تسترق السمع سمعت بأنك ستموت، فألقت إليك ذلك. . . الحديث، أخرجه عبد الرزاق وغيره.