للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى إبليس، فَبَثَّ جنوده، فإذا هم بالنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلّي بِرَحْبَةٍ في نَخْلَة". انتهى.

(فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ؟ فَانْطَلَقُوا يَضْرِبُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَمَرَّ النَّفَرُ الَّذِينَ أَخَذُوا) وفي نسخة: "ذَهَبُوا"، أي ذهب الشياطين الذين توجّهوا نحو تهامة.

قال في "الفتح": قيل: كان هؤلاء المذكورون من الجنّ على دين اليهود، ولهذا قالوا: {أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} [الأحقاف: ٣٠]، وأخرج ابن مردويه من طريق عُمر بن قيس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أنهم كانوا تسعةً، ومن طريق النضر بن عربيّ، عن عكرمة، عن ابن عباس: كانوا سبعةً من أهل نَصِيبين، وعند ابن أبي حاتم، من طريق مجاهد نحوه، لكن قال: كانوا أربعةً من نَصِيبين، وثلاثة من حَرّان، وهم حسا ونسا وشاصر وماضر والأدرس ووردان والأحقب، ونقل السهيليّ في "التعريف" أن ابن دريد ذكر منهم خمسةً: شاصر وماضر ومنشي وناشي والأحقب، قال: وذكر يحيى بن سلام وغيره قصة عمرو بن جابر، وقصة سرق، وقصة زَوْبعة، قال: فإن كانوا سبعةً، فالأحقب لقب أحدهم لا اسمه، واستدرك عليه ابن عساكر ما تقدم عن مجاهد، قال: فإذا ضُمّ إليهم عمرو، وزوبعة، وسرق، وكان الأحقب لقبًا كانوا تسعة، قال الحافظ: هو مطابق لرواية عمر بن قيس المذكورة.

وقد روى ابن مردويه أيضًا من طريق الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس: كانوا اثني عشر ألفًا من جزيرة الْمَوْصِل، فقال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لابن مسعود: "انظرني حتى آتيك، وخَطَّ عليه خطًّا. . . " الحديث.

والجمع بين الروايتين تعدد القصة، فإن الذين جاؤوا أوّلًا كان سبب مجيئهم ما ذُكِر في الحديث من إرسال الشهب، وسببُ مجيء الذين في قصة ابن مسعود أنهم جاؤوا لقصد الإسلام، وسماع القرآن، والسؤال عن أحكام الدين.

قال الحافظ: وقد بينتُ ذلك في أوائل المبعث في الكلام على حديث أبي هريرة، وهو من أقوى الأدلة على تعدد القصة، فإن أبا هريرة إنما أسلم بعد الهجرة، والقصة الأولى كانت عقب المبعث، ولعل مَن ذكر في القصص المفَرَّقة كانوا ممن وَفَد بعدُ؛ لأنه ليس في كل قصة منها إلا أنه كان ممن وَفَد، وقد ثبت تعدد وفودهم. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.