للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال بعض العلماء: هذا لمؤمنيهم، وأما غيرهم، فجاء في حديث آخر: "أن طعامهم ما لم يُذْكَر اسم اللَّه عليه"، قاله النوويّ (١).

[تنبيه]: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لكم كلّ عظم. . . إلخ" هذا بعد أن دعا اللَّه تعالى بذلك، فقد أخرج البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه" عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أنه كان يَحْمِل مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إداوةً لوضوئه وحاجته، فبينما هو يتبعه بها، فقال: "مَن هذا؟ " فقال: أنا أبو هريرة، فقال: "ابغني أحجارًا أستنفض بها، ولا تأتني بعظم، ولا بروثة"، فأتيته باحجار أَحْمِلها في طرف ثوبي، حتى وضعتها إلى جنبه، ثم انصرفت حتى إذا فَرَغ مشيت، فقلت: ما بال العظم والروثة؟ قال: "هما من طعام الجنّ، وإنه أتاني وَفْدُ جن نصيبين، ونعم الجنّ، فسألوني الزاد، فدعوت اللَّه لهم أن لا يَمُرّوا بعظم، ولا بروثة، إلا وجدوا عليها طعامًا". انتهى.

فهذا صريح في كونه -صلى اللَّه عليه وسلم- دعا لهم، ثم أخبرهم بأن اللَّه تعالى استجاب له في ذلك، فحديث الباب بيّن إخباره لهم أخيرًا، واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: (يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ) جملة في محلّ رفع خبر المبتدأ، وقوله: (أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا) بنصب "أوفر" على الحال، و"لحمًا" منصوب على التمييز (وَكُلُّ بَعْرَةٍ) مبتدأ خبره "عَلَفٌ"، قال في "القاموس": الْبَعْرُ، ويُحَرَّك: رَجِيعُ الْخُفّ، والظِّلْفِ، واحدته بِهاء، والجمع: أَبْعار، والفعل كمَنَعَ. انتهى (٢).

وفي "المصباح": الْبَعَرُ معروفٌ، والسكون لغة، وهو من كلّ ذي ظِلْفٍ، وخُفّ، والجمع: أبعار، مثلُ سَبَبٍ وأسباب، وبَعَرَ ذلك الْحَيَوانُ بَعْرًا، من باب نَفَعَ: ألقى بَعَرَه. انتهى (٣).

(عَلَفٌ) بفتحتين: ما يُعلف به، والجمع عِلاف بالكسر، مثلُ جبل وجِبَال، يقال: عَلَفْتُ الدابّة عَلْفًا، من باب ضرب، وأعلفتها بالألف لغة (٤). (لِدَوَابِّكُمْ"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَلَا) ناهية، ولذا جزم بها قوله: (تَسْتَنْجُوا بِهِمَا) أي بالعظم، والبعرة (فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ") الفاء للتعليل؛ أي إنما


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ١٧٠.
(٢) "القاموس المحيط" ١/ ٣٧٤.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٥٣.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٤٢٥.