(وَيُسْمِعُنَا) بضم أوله، من الإسماع (الْآيَةَ أَحْيَانًا) أي في أحيان، جمع حين، وهو يدلّ على تكرّر ذلك منه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وفي رواية النسائي من حديث البراء -رضي اللَّه عنه-: "كنا نصلي خلف النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الظهر، فنَسْمَع منه الآية بعد الآية، من سورة لقمان، والذاريات"، ولابن خزيمة من حديث أنس -رضي اللَّه عنه- نحوه، لكن قال:"بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} [الأعلى: ١]، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١)} [الغاشية: ١].
(وَكَانَ يُطَوِّلُ) بتشديد الواو، من التطويل (الرَّكْعَةَ الْأُولَى مِنَ الظُّهْرِ، وَيُقَصِّرُ الثَّانِيَةَ) بتشديد الصاد المهملة، من التقصير، ويَحْتَمِل أن يكون بضمّ الصاد ثلاثيًّا، من باب نصر، من القصر.
وإنما طوّل في الأولى؛ إعانةً للناس على إدراك صلاة الجماعة كاملةً بإدراك الركعة الأولى؛ امتثالًا لقوله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة: ٢] الآية.
ويؤيّد هذا ما رَوَاه عبد الرزاق، عن معمر، عن يحيى في آخر هذا الحديث: "فظننا أنه يريد بذلك أن يُدرِك الناس الركعة"، ولأبي داود، وابن خزيمة نحوه، من رواية أبي خالد، عن سفيان، عن معمر.
ورَوَى عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: إني لأحب أن يُطَوِّل الإمام الركعة الأولى من كل صلاة، حتى يكثر الناس.
وقال الشيخ تقيّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كأن السبب في ذلك أن النشاط في الأولى يكون أكثر، فناسب التخفيف في الثانية حذرًا من الملل. انتهى.
وهذا الحديث يدلّ على استحباب تطويل الأولى على الثانية، ولا يعارضه حديث سعد بن أبي وقّاص -رضي اللَّه عنه- الآتي حيث قال: "أَمُدّ في الأوليين"؛ لأن المراد تطويلهما على الأخريين، لا التسوية بينهما في الطول، وقال مَن استحبّ استواءهما: إنما طالت الأولى بدعاء الافتتاح والتعوذ، وأما في القراءة فهما سواء.
لكن يعارض ما ذكر ما يأتي في حديث أبي سعيد -رضي اللَّه عنه-: "كان يقرأ في الظهر في الأوليين، في كل ركعة قدر ثلاثين آية"، وفي رواية لابن ماجه: أن الذين حَزَرُوا ذلك كانوا ثلاثين من الصحابة، فإنه ظاهر في استواء الأوليين.