٤ - (ومنها): ما قيل: إنه يُستدلّ به على طول الطمأنينة، وفيه نظرٌ؛ لا دلالة له على ذلك، لكن الطمأنينة لها أدلّة كثيرة تدّل على وجوبها، قد تقدّم بيانها فيما مضى من الأبواب.
٥ - (ومنها): أنه يستدلّ به على جواز النظر إلى الإمام؛ لاتباعه في انتقالاته.
٦ - (ومنها): ما كتبه الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- على هذا الحديث، وإن كان قد تقدّم حاصله، إلا أن فيه تفصيلًا لأقوال العلماء؛ لذا أحببت إيراده هنا، قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:
وفي الحديث دليلٌ على أن المأموم يُتابع الإمام، وتكون أفعاله بعد أفعال الإمام، فإن البراء -رضي اللَّه عنه- أخبر أنهم كانوا إذا رفعوا من الركوع لم يَحْنِ أحدٌ منهم ظهره حتى يقع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ساجدًا، ثم يسجدون بعده.
وفي رواية لمسلم في هذا الحديث: أنهم كانوا يُصلّون مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا رفع رأسه من الركوع لم أر أحدًا يحني ظهره حتى يضع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جبهته على الأرض، ثم يخرّ مَن وراءه سُجّدًا.
وهذه صريحة في أنهم كانوا لا يُسرعون في السجود حتى يُنهيه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كبّر فكبّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا" يدلّ على أن تكبير المأمومين من ركوعهم وسجودهم يكون عقب تكبيرة الإمام، وركوعه، وسجوده، لا معه، ولا قبله.
وفي حديث أبي موسى -رضي اللَّه عنه-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإن الإمام يركع قبلكم، ويرفع قبلكم، فتلك بتلك"، رواه مسلم (١).
وأكثر العلماء على أن الأفضل للمأموم أن يُتابع الإمام، فيركع، ويرفع، ويسجد، ويجلس بعد الإمام في ذلك، وكذلك كان يفعل أبو قلابة وغيره من السلف، وروَى وكيع بإسناده عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال:"لا تبادروا أئمتكم، فإنما جُعل الإمام ليؤتمّ به، فيكون أولّ من يركع، وأول من يسجد، وأول من يرفع"، وهو مذهب الشافعيّ، وأحمد، ورواية عن مالك.