للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خبرٍ لـ "لا"، أي لامانعَ مانعٌ لما أعطيتَ، وتمام البحث في هذا فيما كتبته على النسائيّ (١).

(وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ) الكلام فيه كسابقه (وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ) "ذا" هنا بمعنى صاحب، مفعول مقدّم على الفاعل، منصوب بالألف، كما قال في "الخلاصة":

وَارْفَعْ بِوَاوٍ وَانْصِبَنَّ بِالأَلِفْ … وَاجْرُرْ بِيَاءٍ مَا مِنَ الأَسْمَا أَصِفْ

مِنْ ذَاكَ "ذُو" إِنْ صُحْبَةً أَبَانَا … وَ"الْفَمُ" حَيْثُ الْمِيمُ مِنْهُ بَانَا

و"الْجَدُّ" بالرفع فاعلٌ مؤخَّرٌ.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المشهور فيه فتحُ الجيم، هكذا ضبطه العلماء المتقدِّمون والمتأخِّرون، قال ابن عبد البرّ: ومنهم من رواه بالكسر، وقال أبو جعفر، محمد بن جرير الطبريّ: هو بالفتح، قال: وقاله الشيبانيّ بالكسر، قال: وهذا خلاف ما عَرَفه أهل النقل، قال: ولا يُعْلَم من قاله غيره، وضَعّفَ الطبريّ (٢) ومَن بعده الكسر، قالوا: ومعناه على ضعفه الاجتهاد، أي لا ينفع ذا الاجتهاد منك اجتهاده، إنما ينفعه وينجيه رحمتك.

وقيل: المراد ذا الجِدّ والسعي التامّ في الحرص على الدنيا، وقيل: معناه الإسراع في الْهَرَب، أي لا ينفع ذا الإسراع في الهرب منك هَرَبه، فإنه في قبضتك وسلطانك، والصحيح المشهور الْجَدّ بالفتح، وهو الحظّ والغنى والعظمة والسلطان، أي لا ينفع ذا الحظ في الدنيا بالمال والولد والعظمة والسلطان منك حظه، أي لا يُنجيه حظه منك، وإنما ينفعه، وينجيه العمل الصالح، كقوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ} الآية [الكهف: ٤٦]، واللَّه تعالى أعلم. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٣).


(١) راجع: "ذخيرة العقبى" ١٣/ ٢٠٩ رقم الحديث (١٠٦٨).
(٢) وقال غيره: المعنى الذي أشار إليه الشيبانيّ صحيحٌ، ومراده أن العمل لا يُنجي صاحبه، وإنما النجاة بفضل اللَّه ورحمته، كما جاء في حديث: "لن يُنجي أحدًا منكم عمله. . . " الحديث، قاله في "زهر الربى" ٢/ ١٩٩ - ٢٠٠.
(٣) "شرح النوويّ" ٤/ ١٩٦.