للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(مِنْكَ الْجَدُّ) اختُلِف في "من" هذه، فقال الزمخشريّ في "الفائق": بمعنى "بدل"، كما في قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ} الآية [الزخرف: ٦٠] أي بدلكم، والمعنى: أن المحظوظ لا ينفعه حظّه بَدَلَك، أي بدل طاعتك وعبادتك.

وقال التوربشتيّ: أي لا ينفع ذا الغنى غناه عندك، وإنما ينفعه العمل بطاعتك، وعلى هذا فمعنى "منك" عندك.

ويَحْتَمِلُ وجهًا آخر، أي لا يُسلّمه من عذابك غناه.

وقال المظهر: أي لا ينفعه غناه من عذابك، إن شئت به عذابًا. انتهى (١).

[تنبيه]: رُوي سبب قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ" فيما أخرجه ابن ماجه -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "سننه" عن أبي جحيفة -رضي اللَّه عنه- قال: ذُكرت الجدود عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو في الصلاة، فقال رجلٌ: جدّ فلان في الخيل، وقال آخر: جدّ فلان في الإبل، وقال آخر: جدّ فلان في الغنم، وقال آخر: جدّ فلان في الرقيق، فلما قَضَى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاته، ورفع رأسه من آخر الركعة قال: "اللَّهمّ ربنا لك الحمد، ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعدُ، اللَّهمّ لا مانع لما أعطيت، ولا مُعطي لما مَنَعت، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ"، وطوّل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صوته بـ "الجدّ"؛ ليعلموا أنه ليس كما يقولون. انتهى (٢).

لكن الحديث في سنده أبو عمر مجهول، لا يُعرف حاله، كما قال البوصيريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.


(١) "عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد" ٢/ ١٧٨ - ١٧٩.
(٢) حديث ضعيف، أخرجه ابن ماجه برقم (٨٧٩).