(إِلَّا الرُّؤيا الصَّالِحَةُ) الاستثناء مفرّغ؛ لأن ما قبل إلّا" تفرّغ للعمل فيما بعدها، فالرؤيا فاعل "يَبْقَ"، وقوله:(يَرَاهَا الْمُسْلِمُ) في محلّ نصب على الحال من "الرؤيا"، أي يراها الشخص المسلم، ومثله المسلمة، فليس هذا خاصًّا بالرجال، وفي الرواية التالية: "يراها العبد الصالح" (أَوْ تُرَى لَهُ) ببناء الفعل للمفعول، أي رآها غيره له.
(أَلَا) أداة استفتاح وتنبيه، يلقى بها للمخاطب؛ تنبيهًا له، وإزالةً لغفلته (وَإِنِّي) بكسر الهمزة؛ لوقوعها بعد "ألا" الاستفتاحيّة، وفي رواية النسائيّ: "ألا إني" بحذف الواو (نُهِيتُ) بالبناء للمفعول، أي نهاني اللَّه تعالى، ونهيه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهيٌ لأمته؛ إذ ليس مختصًّا به، بدليل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فأما الركوع، فعظِّموا فيه الربّ. . . " الحديث؛ إذ معناه: لا تقرءوا فيه القرآن، بل عظّموا اللَّه تعالى بالتسبيح، والتحميد، والتمجيد (أَنْ) بالفتح مصدريّة (أقرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا، أَوْ سَاجِدًا) والمصدر المؤوّل مجرور بـ "عن" مقدّرةً قياسًا، كما قال في "الخلاصة":
وانتصاب "راكعًا، أو ساجدًا" على الحال، أي نهاني اللَّه تعالى عن قراءة القرآن في حال ركوعي، أو سجودي.
قال بعضهم: وكأنّ حكمة النهي عن ذلك أن أفضل أركان الصلاة القيام، وأفضل الأذكار القرآن، فجُعل الأفضل للأفضل، ونُهِيَ عن جعله في غيره؛ لئلا يوهم استواءه مع بقيّة الأذكار. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: يؤيّد هذا القول ما أخرجه المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- وغيره من حديث جابر -رضي اللَّه عنه- قال: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أيُّ الصلاة أفضل؟ قال: "طول القنوت" (١)، أي القيام، واللَّه تعالى أعلم.
وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لَمّا كان الركوع والسجود، وهما غاية الذلّ والخضوع مخصوصين بالذكر والتسبيح نهى -صلى اللَّه عليه وسلم- عن القراءة فيهما، كأنه كرِهَ أن يُجمع بين