للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيه أن كلّ ما ذُكر فيه فهو واجب، وما زاد على ذلك ينظر إلى دليله، فإن اقتضى الوجوب كما هنا عُمل به، وإلا حُمِل على الاستحباب.

والحاصل أن قول من قال بوجوب أذكار الركوع والسجود هو الحقّ، فمن ترك التسبيح في الركوع، أو التسبيح والدعاء في السجود بالكلّية أعاد الصلاة، عمدًا كان، أو سهوًا؛ لما سبق من الأدلّة الصحيحة الصريحة، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في عدد تسبيح الركوع والسجود:

(اعلم): أنهم قد اختَلَفوا في ذلك، فذهب الجمهور إلى أن أدنى الكمال ثلاث تسبيحات، وتُجزئ واحدة، وروي عن الحسن، وإبراهيم أن المجزئ ثلاثٌ، قال ابن رجب: وقد يتأول على أنهما أرادا المجزئ من الكمال، كما تأوّل الشافعيّ وغيره، حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- المذكور على أدنى الكمال، وروي عن عمر -رضي اللَّه عنه- أنه كان يقول في ركوعه وسجوده قدر خمس تسبيحات، وعن الحسن قال: التامّ من ذلك قدر سبع تسبيحات، وعنه قال: سبع أفضل من ثلاث، وخمس وسط بين ذلك، وكذا قال إسحاق: يسبّح من ثلاث إلى سبع.

وقالت طائفة: يستحبّ للإمام أن يسبّح خمسًا ليُدرك من خلفه ثلاثًا، هكذا قال ابن المبارك، وسفيان الثوريّ، وإسحاق، وبعض الحنابلة، ومنهم من قال: يسبّح من خمس إلى عشر، وقال بعض الحنابلة: يكره للإمام أن ينقص عن أدنى الكمال في الركوع والسجود، ولا يكره للمنفرد؛ ليتمكّن المأموم من سنّة المتابعة.

وقال أصحاب الشافعيّ: لا يزيد الإمام على ثلاث تسبيحات، ومنهم من قال: خمس إلا أن يرضى المأمومون بالتطويل، ويكونون محصورين.

قال ابن رجب: وهذا خلاف نصّ الشافعيّ في "الأُمّ"، فإنه نصّ على أنه يسبّح ثلاثًا، ويقول مع ذلك ما قاله النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث عليّ -رضي اللَّه عنه-، قال: وكلُّ ما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في ركوع أو سجود أحببت أن لا يُقصِّر عنه، إمامًا كان، أو منفردًا، وهو تخفيف لا تثقيل.