للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حديث أنس -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب"، الآتي في الباب التالي.

وأما ما ذكره عن بعض الفقهاء من أن المراد الراحة، أو الأصابع، فمما لا دليل عليه، بل هو معارض لعموم النصّ، فلا يُلتفت إليه فتبصّر.

(وَالرُّكبَتَيْنِ، وَالْقَدَمَيْنِ) وفي الرواية الآتية: "وأطراف القدمين" وهو تفسير للمراد، وذلك بأن يجعل قدمين قائمتين على بطون أصابعهما، وعقباه مرتفعان، فيستقبل بظهور قدميه القبلة.

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "تحقيقه": المعتبر في القدمين بطون الأصابع، وقيل: يكفي ظهر القدم، وفي الكفّين بطنهما، وقيل: يشترط بطن الراحة، وقال ابن عبد البرّ: لو سجد عليهما مقبوضتين جاز ذلك (١).

(وَالْجَبْهَةِ) بفتح، فسكون، جمعها جِبَاهٌ، مثلُ كَلْبة وكلاب، قال الخليل: هي مُسْتَوَى ما بين الحاجبين إلى الناصية، وقال الأصمعيّ: هي موضع السجود، قاله في "المصباح" (٢).

وقال ابن الملقّن -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الجبهة: ما أصاب السجود من الأرض، ولا يكفي جانباه، وهما الجبينان. انتهى (٣).

وزاد في رواية عبد اللَّه بن طاوس، عن أبيه الآتية: "وأشار بيده على أنفه"، قال في "الفتح": كأنه ضَمَّن "أشار" معنى "أَمَرَّ" بتشديد الراء، فلذلك عدّاه بـ "على" دون "إلى" ووقع في "العمدة" بلفظ "إلى"، وهي في بعض نسخ البخاريّ، من رواية كريمة، وعند النسائيّ من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن طاوس، فذكر هذا الحديث، وقال في آخره: قال ابن طاوس: "ووضع يده على جبهته، وأمرّها على أنفه"، وقال: هذا واحد، فهذه رواية مفسَّرَة.

قال القرطبيّ: هذا يدلّ على أن الجبهة الأصل في السجود، والأنف تبَعٌ.


(١) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٣/ ٨٧.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٩١.
(٣) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٣/ ٨٢.