وأخرج عن ابن عون قال: قلت لمحمد -يعني ابن سيرين-: الرجل يسجد يعتمد بمرفقيه على ركبتيه؟ فقال: ما أعلم به بأسًا.
وأخرج عن نافع، قال: كان ابن عمر يَضُمّ يديه إلى جنبيه إذا سجد.
وأخرج عن قيس بن سكن قال: كلَّ ذلك قد كانوا يفعلون، ينضمّون، ويتجافَوْن، كان بعضهم ينضمّ، وبعضهم يجافي.
وأخرج عن النعمان بن أبي عياش قال: شَكَوا إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الادِّعام والاعتماد في الصلاة، فرَخَّص لهم أن يستعين الرجل بمرفقيه على ركبتيه، أو فخذيه.
وأخرج عن ابن عمر أن رجلًا سأله: أضع مِرْفقي على فخذي، إذا سجدت؟ فقال: اسجد كيف تيسّر عليك. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما سبق من أقوال أهل العلم، وأدلتهم في هذه المسألة أن المذهب الراجح هو ما عليه الجمهور من أن المأمور به في السجود هو الاعتدال، وهو أن يضع كفيه على الأرض، ويرفع مرفقيه عنها، وعن جنبيه، رفعًا بليغًا بحيث يظهر باطن إبطيه إذا لم يكن مستورًا.
وأما ما نقل عن بعض السلف، كابن مسعود، وغيره ممن سبق ذكرهم، فمحمول على ما إذا حصل للمصلي ضرر بالتجافي، فرخّصوا له في ذلك، كما بُيّن في حديث النعمان بن أبي عيّاش، وهو مرسل صحيح، أو يُعتذَر عنهم بأنهم لم يعلموا بالأمر بالاعتدال، كما اعتذر الإمام أحمد في الكلام السابق عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال: