للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أي شرع في السجود، وفي رواية مروان بن معاوية، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن الأصمّ التالية: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا سجد خَوَّى (١) بيديه، يعني جَنَّح حتى يُرَى وَضَحُ إبطيه من ورائه"، وفي رواية جعفر بن بُرْقان، عن عبيد اللَّه الثالثة: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا سجد جافى، حتى يَرَى مَن خلفه وَضَحَ إبطيه"، وجواب "إذا" هنا قوله: (لَوْ) شرطيّة، كما قال في "الخلاصة":

"لَوْ" حَرْفُ شَرْطٍ فِي مُضِيٍّ وَيَقِلْ إِيلَاؤُهُ … مُسْتَقْبَلًا لَكِنْ قُبِلْ

وَهْيَ فِي الاخْتِصَاصِ بِالْفِعْلِ كَـ "إِنْ" … لَكِنَّ "لَوْ" بِهَا "أَنَّ" قَدْ تَقْتَرِنْ

وفي رواية النسائيّ: "حتى لو أنّ بَهْمةً أرادت أن تمرّ تحت يديه مرّت".

(شَاءَتْ بَهْمَةٌ) بفتح الموحّدة، وسكون الهاء: ولد الضأن، يُطلق على الذكر والأنثى، والجمع بَهْمٌ بلا هاء، مثلُ تَمْرة وتَمْر، وجمع الْبَهْم بِهَامٌ، مثلُ سَهْم وسِهَام، وتُطلق البهام على أولاد الضأن والمعز إذا اجتمعت تغليبًا، فإذا انفردت قيل لأولاد الضأن: بِهَام، ولأولاد المعز سِخَال، وقال ابن فارس: الْبَهْمُ: صغار الغنم، وقال أبو زيد: يقال لأولاد الغنم ساعةَ تَضَعُها الضأنُ، أو المعزُ، ذكرًا كان الولد، أو أنثى: سَخْلَةٌ، قاله الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال أبو عبيد وغيره من أهل اللغة: الْبَهْمَةُ: واحدة الْبَهْم، وهي أولاد الغنم من الذكور والإناث، وجمع الْبَهْمِ بِهَام بكسر الباء، وقال الجوهريّ: الْبَهْمة من أولاد الضأن خاصّةً، ويُطلق على الذكر والأنثى، قال: والسّخَالُ: أولاد الْمِعْزَى. انتهى (٣).

(أَنْ تَمُرَّ) "أن" مصدريّة، والمصدر المؤوّل مفعول "شاءت"، أي لو شاءت المرور (بَيْنَ يَدَيْهِ) وفي رواية أبي داود: "لو أرادت أن تمرّ تحت يديه مرّت"، فيكون معنى: "بين يديه" هنا بمعنى رواية أبي داود "تحت يديه"، فافهم. (لَمَرَّتْ") جواب، والغالب في جوابها إذا كان مثبتًا أن يقترن باللام، كهذا الحديث، ويجوز حذفها، نحو: لو قام زيد قام عمرو.

والمراد من هذا التمثيل بيان مبالغته -صلى اللَّه عليه وسلم- في التفريج، والتجافي في السجود.


(١) بتشديد الواو: أي جافى.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٦٤.
(٣) "شرح النوويّ" ٤/ ٢١١.