للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ظهر الردّ على من تمسّك بالحديث على مشروعيّة ترك الجهر بالبسملة في الصلاة، فإن المراد بذلك كما قلنا اسم السورة، لكن نوقش ذلك بأنه لو كان المراد اسم السورة لقالت عائشة -رضي اللَّه عنها-: "بالحمدُ"؛ لأنه وحده هو الاسم.

ورُدّ بأن "الحمد للَّه رب العالمين" اسم للسورة أيضًا، فقد أخرج البخاريّ في "صحيحه"، عن أبي سعيد بن المعلى -رضي اللَّه عنه- قال مرّ بي النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم - وأنا أصلي. . . وفيه: ثم قال: "ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد؟ "، فذهب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليخرج من المسجد، فذَكَّرته، فقال: " {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته".

وأخرج أبو داود في "سننه" بإسناد صحيح، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أمُّ القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني".

فهذا نصّ واضحٌ في أن الفاتحة تُسمّى بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

ويمكن الجواب عن ذلك التمسّك أيضًا بأنها ذَكَرت أول آية من الآيات التي تخصّ السورة، وتركت البسملة؛ لأنها مشركة بينها وبين غيرها من السور. انتهى (١).

وقد تقدّم تحقيق هذه المسألة في موضعها من هذا الكتاب مستوفًى، فراجعه تستفد علمًا جمًّا، وباللَّه تعالى التوفيق.

(وَكَانَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (إِذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ) بضمّ حرف المضارعة، من الإشخاص، قال الطيبيّ: أي لم يرفعه، من أشخصتُ كذا: رفعته، وشَخَصَ شُخُوصًا: إذا ارتفع.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هكذا ضبطوه من الإشخاص رباعيًّا، والذي في "القاموس" أن ثلاثيّه يتعدّى أيضًا، وعبارته: وشَخَصَ كمنع شُخُوصًا: ارتفع، وبصرَه: فتح عينيه، وجعل لا يُطرِف، وبصرَهُ: رفعه. انتهى.

فدلّ قوله: "شخص بصره: رفعه" على أن ثلاثيّه يتعدّى، فعلى هذا يحتمل أن يُضبط قوله هنا: "لم يُشخص" بفتح الياء أيضًا، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.


(١) راجع: "المرعاة في شرح المشكاة" ٣/ ٨.