للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد روي عنه كقول مالك وسفيان (١) على الصواب، خرّجه ابن خزيمة عن عليّ بن خَشْرَم عنه.

ومن تكلّف الجمع بين القولين من المتأخرين، فقوله ليس بشيء، ولم يأت بأمر يُقْبل منه.

وقد رواه الضحّاك بن عثمان، عن سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو يعلم المارّ بين يدي المصليّ، والمصلّي ما عليهما. . . "، وذكر الحديث، خرّجه أبو العبّاس السّرّاج في "مسنده"، وهذا يوافق رواية ابن عيينة، وهو أيضًا وَهَمٌ، وزيادته "والمصلّي" غير محفوظة أيضًا. انتهى كلام ابن رجب (٢)، وهو بحثٌ نفيسٌ.

(يَسْأَلُهُ) جملة حاليّة من المفعول، وهي من الأحوال المقدّرة، أي حال كون بسر مقدّرًا سؤاله أبا جُهيم (مَاذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) "ما" استفهاميّة مبتدأ، و"ذا" خبره، وهو اسم موصول بمعنى الذي، كما قال في "الخلاصة":

وَمِثْلُ "مَا" "ذَا" بَعْدَ "ما" اسْتِفْهَامِ … أَوْ "مَنْ" إِذا لَمْ تُلْغَ فِي الْكَلَامِ

والعائد محذوف، والجملة في موضع المفعول الثاني لـ "يسأل"، وهو معلّق عنها للاستفهام، والتقدير: يسأله أيّ الشي الذي سمعه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويَحتَمِل أن يكون "ماذا" اسمًا مركّبًا بمنزلة اسم واحد للاستفهام، وهو معنى قول ابن مالك: "إذا لم تُلْغَ"، فيكون مفعولًا مقدّمًا لـ "سَمِعَ" (٣).

(فِي الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي؟) أي أمامه بالقرب منه، وعَبَّر باليدين؛ لكون أكثر الشغل يقع بهما، واختُلِف في تحديد ذلك، فقيل: إذا مَرّ بينه وبين مقدار سجوده، وقيل: بينه وبين قدر ثلاثة أذرع، وقيل: بينه وبين قدر رَمْيَةٍ بحجر، قاله في "الفتح" (٤).


(١) أي الثوريّ.
(٢) "فتح الباري" لابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٤/ ٨٩ - ٩١.
(٣) راجع: "الدرّ المصون في علوم الكتاب المكنون" للسمين الحلبيّ ٢/ ٣٨٤ عند قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ}.
(٤) ١/ ٦٩٦.