للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَ أَبُو جُهَيْمٍ) -رضي اللَّه عنه- (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَي الْمُصَلِّي، مَاذَا عَلَيْهِ؟) تقدم الكلام عليه آنفًا، وقال في "العمدة": كلمة "ما" استفهام، ومحلّه الرفع على الابتداء، وكلمة "ذا" إشارة، والأولى أن تكون "ذا" موصولةً بدليل افتقاره إلى شيء بعده؛ لأن تقديره: ماذا عليه من الإثم، ثم إن "ماذا عليه" في محلّ النصب على أنه سدّ مسدّ المفعولين لقوله: "يعلم"، وقد عُلّق عمله بالاستفهام. انتهى (١).

وقال الكرمانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أبهم الأمر؛ ليدلّ على فخامته، وأنه مما لا يُقَدَّرُ قدرُهُ، ولا يدخل تحت العبارة. انتهى (٢).

[تنبيه]: قال في "الفتح": قوله: "ماذا عليه" زاد الكشميهنيّ: "من الإثم"، وليست هذه الزيادة في شيء من الروايات عند غيره، والحديث في "الموطأ" بدونها، وقال ابن عبد البرّ: لم يُخْتَلَف على مالك في شيء منه، وكذا رواه باقي الستة، وأصحاب المسانيد، والمستخرجات بدونها، ولم أرها في شيء من الروايات مطلقًا، لكن في "مصنف ابن أبي شيبة": "يعني من الإثم"، فَيَحْتَمِل أن تكون ذُكِرت في أصل البخاريّ حاشيةً، فظنها الكشميهنيّ أصلًا؛ لأنه لم يكن من أهل العلم، ولا من الحفّاظ، بل كان راويةً، وقد عزاها المحبّ الطبريّ في "الأحكام" للبخاري، وأطلق، فعيب ذلك عليه، وعلى صاحب "العمدة" في إيهامه أنها في "الصحيحين"، وأنكر ابن الصلاح في "مشكل الوسيط" على من أثبتها في الخبر، فقال: لفظ "الإثم" ليس في الحديث صريحًا، ولما ذَكَره النووي في "شرح المهذب" دونها، قال: وفي رواية رَوَيناها في "الأربعين" لعبد القادر الرُّهاويّ: "ماذا عليه من الإثم". انتهى ما في "الفتح" (٣).

وعبارة الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد وقع في بعض نسخ كتاب البخاريّ ومسلم أيضًا بعد "ماذا عليه" "من الإثم"، وهي غير محفوظة، وذكر ابن عبد البرّ


(١) "عمدة القاري" ٤/ ٤٣٠.
(٢) "شرح البخاري" للكرمانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٤/ ١٦٣.
(٣) ١/ ٦٩٦ - ٦٩٧.