للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن هذه اللفظة في رواية الثوريّ، عن سالم أبي النضر، وقد وقعت في كتاب ابن أبي شيبة من رواية الثوريّ مدرجةً بلفظ "يعني من الإثم"، فدلّ على أنها مدرجة من قول بعض الرواة، وتفسير للمعنى؛ فإن هذا يُفهَم من قوله: "ماذا عليه"، فإن ابن آدم له عمله الصالح، وعليه عمله السيئ، كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} الآية [فصلت: ٤٦]، وقال: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: ٢٨٦]، وإذا كان هذا عليه، فهو من سيّئاته. انتهى (١).

وقوله: (لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ) جواب "لو"، وكلمة "أن" مصدريّة، والتقدير: لو يعلم المارُّ مقدار الإثم الذي يلحقه من مروره بين يدي المصلّي لاختار أن يقف المدة المذكورة حتى لا يلحقه ذلك الإثم.

وقال الكرمانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: جواب "لو" ليس هو المذكور، بل التقدير: لو يعلم ما عليه لوقف أربعين، ولو وقف أربعين لكان خيرًا له. انتهى (٢).

وتعقّبه العينيّ، فقال: لا ضرورة إلى هذا التقدير، وهو تصرّف فيه تعسّفٌ، وحقّ التركيب ما تقدّم. انتهى (٣).

قال الكرمانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأبهم العدد تفخيمًا للأمر، وتعظيمًا. انتهى.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قلت: ظاهر السياق أنه عيّن المعدود، ولكن شكّ الراوي فيه. انتهى.

وقال الكرمانيّ: فإن قلت: هل للتخصيص بالأربعين حكمةٌ معلومةٌ؟.

قلت: أسرار أمثالها لا يعلمها إلَّا الشارع.

ويَحْتَمِل أن يكون ذلك؛ لأن الغالب في أطوار الإنسان أن كمال كل طَور بأربعين كأطوار النطفة، فإن كل طور منها بأربعين، وكمال عدل الإنسان في أربعين سنةً، ثم الأربعة أصل جميع الأعداد؛ لأن أجزاءه وهي عشرة، ومن العشرات المئات، ومنها الألوف، فلما أُريد التكثير ضوعف كل إلى عشرة أمثاله. انتهى (٤).


(١) "فتح الباري" لابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٤/ ٩١.
(٢) "شرح الكرمانيّ" ٤/ ١٦٣.
(٣) "عمدة القاري" ٤/ ٤٣٠.
(٤) "شرح الكرمانيّ" ٤/ ١٦٣.