بالرفع، قال في "الفتح": في روايتنا بالنصب على أنه خبر "كان"، ولبعضهم "خير" بالرفع وهي رواية الترمذيّ، وأعربها ابن العربي على أنها اسم "كان"، وأشار إلى تسويغ الابتداء بالنكرة؛ لكونها موصوفةً، ويَحْتَمِل أن يقال: اسمها ضمير الشأن، والجملة خبرها. انتهى.
واعترض السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- إعراب ابن العربيّ بأن القواعد تأبى ذلك؛ لأن قوله:"أن يقف" بمنزلة الاسم المعرفة، فلا يصلح أن يكون خبرًا لـ "كان"، وتكون النكرة اسمًا لها، بل "أن" مع الفعل يكون اسمًا لـ "كان" مع كون الخبر معرفةً متقدّمةً، مثلُ قوله تعالى:{وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا} الآية [آل عمران: ١٤٧]، ولهذا نظائر في القرآن، وكذلك المعنى يأبى ذلك عند التأمّل، فالوجه أن اسم كان ضمير الشأن، والجملة مفسّرة للشأن، أو أن "خير" منصوب على أنه خبر "كان"، وترك الألف بعده من تسامح أهل الحديث، فإنهم كثيرًا ما يتركون كتابة الألف بعد الاسم المنصوب، كما صرّح به النوويّ، والسيوطيّ، وغيرهما في مواضع. انتهى كلام السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وهو بحث نفيسٌ، وإن وقع في كلام العينيّ ما يُفيد تعقّبه، لكنه هو الوجه، فتأمله بالإنصاف.
والحاصل أن "خير" في حالة الرفع خبر لـ "أن يقف"، والجملة خبر "كان"، واسمها ضمير الشان، أو "أن يقف" اسمها، و"خيرًا" خبرها منصوب بالفتحة، لكنه مكتوب بصورة المرفوع والمجرور على عادة قدماء المحدّثين، وهو أيضًا لغة ربيعة، فإنهم يقفون على المنصوب المنصوب بالسكون، كرأيت زيد، واللَّه تعالى أعلم.
(مِنْ أَنْ يَمُرَّ) متعلّقٌ بـ "خير" (بَيْنَ يَدَيْهِ") ظرف لـ "يمُرّ"، أي من مروره أمام المصلي.
(قَالَ أَبُو النَّضْرِ) سالم بن أبي أميّة الراوي عن بُسر بن سعيد، قال في "الفتح": هو كلام مالك، وليس من تعليق البخاريّ؛ لأنه ثابت في "الموطأ" من جميع الطرق، وكذا ثبت في رواية الثوريّ، وابن عيينة، كما ذكرنا. انتهى (١).