١١ - (ومنها): جواز التبرّع للَّه تعالى بما يملكه من الأراضي.
١٢ - (ومنها): جواز نبش القبور الدارسة، وأنه إذا أُزيل ترابها المختلط بصديدهم ودمائهم، جازت الصلاة في تلك الأرض، وجاز اتخاذ موضعها مسجدًا إذا طُيِّبت أرضه.
١٣ - (ومنها): أن الأرض التي دُفِن فيها الموتى، ودَرَسَت يجوز بيعها، وأنها باقية على ملك صاحبها، وورثتِهِ من بعده إذا لم توقف، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
وقال في "العمدة": فيه جواز نبش قبور المشركين؛ لأنه لا حرمة لهم، ويجوز نبش عظامهم، ونقلها من الأرض؛ للانتفاع بالأرض إذا احتيج إلى ذلك.
[فإن قلت]: كيف يجوز إخراجهم من قبورهم، والقبر مختصّ بمن دُفن فيه، فقد حازه فلا يجوز بيعه ولا نقله عنه؟.
[قلت]: تلك القبور التي أَمَر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بنبشها لم تكن أملاكًا لمن دُفِن فيها، بل لعلها غُصِبت، فلذلك باعها مُلّاكها، وعلى تقدير التسليم أنها حُبِسَت فليس بلازم، إنما اللازم تحبيس المسلمين لا الكفار، ولهذا قال الفقهاء: إذا دُفِن المسلم في أرض مغصوبة يجوز إخراجه، فضلًا عن المشرك.
وقد يجاب بأنه دَعَت الضرورة، والحاجة إلى نبشهم فجاز.
[فإن قلت]: هل يجوز في هذا الزمان نبش قبور الكفار؛ لِيُتَّخَذ مكانها مساجد؟.
[قلت]: أجاز ذلك قومٌ، محتجين بهذا الحديث، وبما رواه أبو داود: أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"هذا قبر أبي رِغَال، وهو أبو ثَقِيف، وكان من ثمود، وكان بالحرم يُدْفَع عنه، فلما خَرَج أصابته النِّقْمَة، فدُفن بهذا المكان، وآية ذلك أنه دُفِن معه غُصْن من ذهب، فابتدر الناس، فنبشوه، واستخرجوا الغصن"(١).
قالوا: فإذا جاز نبشها لطلب المال، فنبشها للانتفاع بمواضعها أولى،
(١) حديث ضعيف، أخرجه أبو داود برقم (٣٠٨٨) وفي سنده بُجير بن أبي بُجير: مجهول.