للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لاستعمال خشبها، أو لِيُغرَس موضعها غيرها، أو لخوف سقوطها على شيء تُتلفه، أو لاتخاذ موضعها مسجدًا، أو قطعها في بلاد الكفار، إذا لم يُرْجَ فتحها؛ لأن فيه نكايةً وغيظًا لهم، وإضعافًا وإرغامًا.

قال ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد نصّ أحمد على جواز القطع إذا كانت في داره نخل وضيَّقت عليه، فلا بأس أن يقطعها.

وكره جماعة قطع الشجر الذي يُثمر، منهم الحسن، والأوزاعيّ، وإسحاق، وكره أحمد قطع السدر خاصّةً؛ لحديث مرسل، ورد فيه (١)، وقال: قلّ إنسان فعله إلا رأى ما يكره في الدنيا، ورخَّص في قطعه أَخرون. انتهى (٢).

١٥ - (ومنها): جواز الارتجاز، وقول الأشعار في حال الأعمال الشاقّة، والأسفار، ونحوها؛ لتنشيط النفوس، وتحريك الهمّة، وتشجيعها على معالجة الأمور الصعبة.

قال في "الفتح": وذكر الزبير من طريق مُجَمِّع بن يزيد، قال قائل من المسلمين في ذلك [من الرجز]:

لَئِنْ قَعَدْنَا وَالنَّبِيُّ يَعْمَلُ … ذَاكَ إِذًا لَلْعَمَلُ الْمُضَلَّلُ

ومن طريق أخرى عن أم سلمة -رضي اللَّه عنها- نحوه، وزاد: قال: وقال عليّ بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-[من الرجز]:

لَا يَسْتَوِي مَنْ يَعْمُرُ الْمَسَاجِدَا … يَدْأَبُ فِيهَا قَائِمًا وَقَاعِدَا

وَمَنْ يُرَى عَنِ التُّرَابِ حَائِدَا

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذا الحديث وشبهه يُستدلّ به على جواز إنشاد الشعر، والاستعانة بذلك على الأعمال، والتنشيط.

قال: ومن هنا أخذت الصوفيّة إباحة السماع، غير أنهم اليوم أفرطوا في ذلك، وتَعَدَّوا فيه الوجه الجائز، وتذرّعوا بذلك إلى استباحة المحرّمات من أصناف الملاهي، كالشّبابات، والطارات، والرقص، وغير ذلك، وهذه أفعال


(١) حديث ضعيف للاضطراب فيه.
(٢) "فتح الباري" لابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٢/ ٢١٤.