للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صحيح، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما أُمرت بتشييد المساجد"، قال ابن عباس: "لتزخرِفُنَّها كما زَخْرَفت اليهود والنصارى" (١).

وقال البخاريّ في "صحيحه": "باب بنيان المسجد"، وقال أبو سعيد: كان سقف المسجد من جريد النخل، وأمر عمر ببناء المسجد، وقال: أَكِنّ الناس من المطر، وإياك أن تُحَمِّر، أو تُصَفِّر، فتفتن الناس، وقال أنس: يتباهون بها، ثم لا يعمرونها إلا قليلًا، وقال ابن عباس: لتزخرفُنّها كما زخرفت اليهود والنصارى. انتهى.

٢٣ - (ومنها): ما قاله ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في الحديث دليل على طهارة الأرض بالاستحالة؛ فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يأمرهم عند نبش الأرض بإزالة تراب القبور، ولا تطهيرها، ولو فَعَل ذلك لما أهمل تعلّمه؛ للحاجة إليه، ويدلّ عليه أيضًا أن الصحابة -رضي اللَّه عنه- كانوا يخوضون الطين في الطرقات، ولا يغسلون أرجلهم، والنجاسات مُشاهدة في الطرقات، فلو لم تَطْهُر بالاستحالة لما سومح في ذلك، وهذا قول طائفة من العلماء من السلف، كأبي قلابة وغيره، ورجحه بعض الحنابلة، وهو رواية عن أبي حنيفة، والمشهور عنه أن الأرض النجسة إذا جفّت، فإنه يصلي عليها، ولا يتيمّم بها، ومذهب مالك، والشافعيّ، وأحمد، وغيرهم أنها نجسة بكلّ حال. انتهى (٢).

٢٤ - (ومنها): ما قاله ابن رجب أيضًا: في الحديث دليلٌ على أن بيع الأرض التي في بعضها قبور صحيح؛ فإن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- طلب شراء هذا الْمِربد، وهذه المسألة على قسمين:

[أحدهما]: أن يكون المقبور في الأرض يجوز نبشه، ونقله كأهل الحرب، ومن دُفن في مكان مغصوب، فهذا لا شكّ في صحّة البيع للأرض كلّها، ويُنقل المدفون فيها، كما أمر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بنقل عظام المشركين.

[والثاني]: أن يكون المقبور محترمًا، لا يجوز نبشه، فلا يصحّ بيع موضع القبور خاصّة، وهل يصحّ في الثاني؟ يُخرّج على الخلاف في تفريق


(١) حديث صحيح، أخرجه أبو داود في "سننه" برقم (٤٤٨).
(٢) "فتح الباري" لابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٢/ ٢١٢.