للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصفة. انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم هل ينشد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- شعرًا أم لا؟

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختَلَف أهل العروض، والأدب في الرجز، هل هو شعر أم لا؟، واتفقوا على أن الشعر لا يكون شعرًا إلا بالقصد، أما إذا جَرَى كلام موزون بغير قصد، فلا يكون شعرًا، وعليه يُحْمَل ما جاء عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من ذلك؛ لأن الشعر حرام عليه -صلى اللَّه عليه وسلم-. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختَلَف أصحاب العروض، وعلم الشعر في أعاريض الرجز، هل هي من الشعر؟ الصحيح أنه من الشعر؛ لأن الشعر هو كلام موزون تُلْتَزَم فيه القوافي، والرجز كذلك، وأيضًا فإن قريشًا لَمّا اجتمعوا، وتراؤوا فيما يقولون للناس عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال قائل: نقول: هو شاعر، فقالوا: واللَّه لتكذّبنّكم العرب، قد عرفنا الشعر كلّه، هزجه، ورجزه، ومقبوضه، ومبسوطه، فذكروا الرجز من جملة أنواع الشعر.

وإنما أخرجه من جنس الشعر مَن أشكل عليه إنشاد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إياه، فقال: لو كان شعرًا لَمَا عَلِمه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأن اللَّه تعالى قال: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} [يس: ٦٩]، قال: وهذا ليس بشيء؛ لأن من أنشد القليل من الشعر، أو قاله، أو تمثل به على وجه الندور، لم يستحقّ اسم شاعر، ولا يقال فيه: إنه يعلم الشعر، ولا يُنسب إليه، ولو كان كذلك للزم أن يُطلَق على الناس كلّهم أنهم شُعراء، ويعلمون الشعر؛ لأنهم لا يخلون أن يعرفوا كلامًا موزونًا مرتبطًا على أعاريض الشعر. انتهى (٣).

وقال في "الفتح" عند قول ابن شهاب بعد روايته حديث الباب: "ولم يبلغنا أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تمثّل ببيت شعر تامّ غير هذه الأبيات"، وزاد ابن عائذ في آخره: "التي كان يرتجز بهنّ، وهو ينقل اللَّبِن لبناء المسجد".

قال ابن التين: أُنكر على الزهريّ هذا من وجهين:


(١) "فتح الباري" لابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٢/ ٢١٤.
(٢) "شرح النووي" ٥/ ٨.
(٣) "المفهم" ٢/ ١٢٣ - ١٢٤.