[أحدهما]: أنه رجزٌ، وليس بشعر، ولهذا يقال لقائله: راجزٌ، ويقال: أنشد رجزًا، ولا يقال له: شاعرٌ، ولا أنشد شعرًا.
[والوجه الثاني]: أن العلماء اختلفوا هل ينشد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- شعرًا أم لا؟، وعلى الجواز هل ينشد بيتًا واحدًا، أو يزيد؟ وقد قيل: إن البيت الواحد ليس بشعر، وفيه نظرٌ. انتهى.
والجواب عن الأول أن الجمهور على أن الرجز من أقسام الشعر، إذا كان موزونًا، وقد قيل: إنه كان -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قال ذلك لا يُطْلِق القافية، بل يقولها متحركة التاء، ولا يثبت ذلك.
وفي حديث سهل بن سعد -رضي اللَّه عنه- في غزوة الخندق بلفظ:"فاغفر للمهاجرين والأنصار"، وهذا ليس بموزون.
وعن الثاني بأن الممتنع عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنشاؤه، لا إنشاده، ولا دليل على منع إنشاده متمثلًا، وقول الزهريّ:"لم يبلغنا" لا اعتراض عليه فيه، ولو ثبت عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أنشد غير ما نقله الزهريّ؛ لأنه نَفَى أن يكون بلغه، ولم يُطْلِق النفي المذكور، على أن ابن سعد رَوَى عن عفّان، عن معتمر بن سليمان، عن معمر، عن الزهريّ قال: لم يقل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا من الشعر، قيل: قبله، أو يُرْوَى عن غيره إلا هذا، كذا قال، وقد قال غيره: إن الشعر المذكور لعبد اللَّه بن رواحة، فكأنه لم يبلغه، وما في "الصحيح" أصحّ، وهو قوله:"شعر رجل من المسلمين". انتهى (١).
وقد ذكر العلامة أبو عبد اللَّه القرطبيّ في تفسير قوله تعالى:{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}[يس: ٦٩]: ما نصّه: إصابة الوزن أحيانًا لا يوجب أنه يَعْلَم الشعر، وكذلك ما يأتي أحيانًا من نثر كلامه ما يدخل في وزن، كقوله يوم حنين وغيره: