للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرج البزار من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-: انصرف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بيت المقدس، وهو يصلي الظهر بوجهه إلى الكعبة.

وللطبرانيّ نحوه من وجه آخر عن أنس، قال في "الفتح": وفي كلّ منهما ضعف. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: كل هذا الروايات ضعاف، لا تقاوم ما في "الصحيح" من حديث البراء -رضي اللَّه عنه-، حيث دلّ على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعدما صلّى صلاة الظهر أمر بالتوجّه إلى الكعبة، فصلّى العصر متوجّها إليها، واللَّه تعالى أعلم.

وقال في "العمدة" في شرح قوله: "صلاة العصر": كذا هو ههنا "صلاة العصر"، وجاء أيضًا من رواية البراء، أخرجها البخاري في "الصلاة"، وفيه: "فصلى مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رجل، ثم خرج بعدما صلى، فمَرّ على قوم من الأنصار في صلاة العصر يصلون نحو بيت المقدس، فقال لهم، فانحرفوا"، فقيّد الأولى بالعصر في الحديث الأول، وأطلق الثانية، وقَيّد في الحديث الثاني الثانية بالعصر، وأطلق الأولى، وجاء في البخاري في "كتاب خبر الواحد" تقييده الصلاتين بالعصر، فقال من رواية البراء أيضًا: "فوُجِّه نحو الكعبة، وصلى معه رجل العصر، ثم خَرَج، فمَرَّ على قوم من الأنصار، فقال لهم: هو يشهد أنه صلى مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- العصر، وأنه قد وُجِّه إلى الكعبة، قال: فانحرفوا وهم ركوع في صلاة العصر"، وكذا جاء في الترمذيّ أيضًا أن الصلاتين كانتا العصر، ولم يذكر مسلم، ولا النسائيّ في حديث البراء هذا تعيين صلاة العصر، ولا غيرها.

وجاء في البخاريّ، والنسائيّ، ومسلم أيضًا في "كتاب الصلاة" من حديث مالك، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر، قال: "بينا الناس بقباء في صلاة الصبح، إذ جاءهم آتٍ"، وفيه: "فكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة"، وكذلك أيضًا جاء في مسلم من رواية ثابت، عن أنس، كرواية ابن عمر أنها الصبح: "فمَرَّ رجل من بني سَلِمَة، وهم ركوع في صلاة الفجر" (٢).


(١) "الفتح" ١/ ٥٩٩ - ٦٠٠.
(٢) راجع: "عمدة القاري" ١/ ٣٨٥.