للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المعلوم من السياق، وقد جاء مصرّحًا به في رواية البخاريّ، حيث قال: "قد أُنزل عليه الليلةَ قرآن".

قال في "الفتح": قوله: "قد أُنزل عليه الليلةَ قرآنٌ" فيه إطلاق الليلة على بعض اليوم الماضي، والليلة التي تليه مجازا، والتنكير في قوله "قرآن" لإرادة البعضية، والمراد قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: ١٤٤] الآيات.

(اللَّيْلَةَ) منصوب على الظرفيّة متعلّق بـ "أُنزل" (وَقَدْ أُمِرَ) بالبناء للمفعول أيضًا، أي أمره اللَّه تعالى في تلك الآيات المنزلة عليه (أَنْ يَسْتَقْبِلَ) "أن" مصدريّة، والفعل مبنيّ للفاعل، وهو في تأويل المصدر مجرور بحرف جرّ مقدّر قياسًا، كما قال في "الخلاصة":

وَعَدِّ لَازِمًا بِحَرْفِ جَرِّ … وَإِنْ حُذِفْ فَالنَّصْبَ لِلْمُنْجَرِّ

نَقْلًا وَفِي "أَنَّ" وَ"أَنْ" يَطَّرِدُ … مَعْ أَمْنِ لَبْسٍ كَـ "عَجِبْتُ أَنْ يَدُوا"

أي بالاستقبال (الْكَعْبَةَ) منصوب على المفعوليّة، سُمّي البيت الحرام بالكعبة؛ لارتفاعه، وقيل: لتربيعه، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كَعَبَت المرأةُ تَكْعُبُ، من باب قَتَلَ كِعَابَة: نَتَأَ ثَدْيُها، فهى كاعبٌ، وسُمّيت الكعبةُ بذلك؛ لنُتُوئها، وقيل: لتربيعها وارتفاعها. انتهى (١).

(فَاسْتَقْبَلُوهَا) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: رُوي بكسر الباء، وفتحها، والكسر أصحّ وأشهر، وهو الذي يقتضيه تمام الكلام بعده. انتهى (٢).

والمعنى: أنهم تَحَوَّلُوا إلى جهة الكعبة، والواو في "استقبلوها" ضمير أهل قباء.

قال في "الفتح": وفيه أن ما أُمر به النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يلزم أمّته، وأن أفعاله يُتَأسّى بها كأقواله حتى يقوم دليل الخصوص. انتهى.

وقال في "الفتح" أيضًا: ويَحْتَمِل أن يكون فاعل "استقبلوها" النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومن معه، وضمير "وجوههم" لهم، أو لأهل قباء على الاحتمالين، وفي رواية


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥٣٤ - ٥٣٥.
(٢) "شرح النووي" ٥/ ١٠.