١ - (منها): بيان النهي عن اتخاذ القبور مساجد، وعن فعل التصاوير، وإنما نُهِي عنه لئلا يؤدّي إلى اتخاذ القبور والصور آلهةً.
٢ - (ومنها): ما قاله الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الحديث يدلّ على تحريم بناء المساجد على قبور الصالحين، وتصوير صُورهم فيها كما يفعله النصارى، ولا ريب أن كلّ واحد منهما محرَّمٌ على انفراده، فتصوير صور الآدميين محرّم، وبناء القبور على المساجد بانفراده محرَّمٌ، كما دلتّ عليه نصوص أخرى، فإن اجتمع بناء المسجد على القبور ونحوها من آثار الصالحين مع تصوير صورهم، فلا شكّ في تحريمه، سواء كانت صورًا مجسّدةً كالأصنام، أو على حائط ونحوه، كما يفعله النصارى في كنائسهم.
قال: والتصاوير التي في الكنيسة التي ذكرتها أم حبيبة وأم سلمة أنهما رأتاها بالحبشة كانت على الحيطان ونحوها، ولم يكن لها ظلّ، وكانت أم سلمة وأم حبيبة قد هاجرتا إلى الحبشة، فتصوير الصور على مثل صور الأنبياء والصالحين للتبرّك بها، والاستشفاع بها محرَّمٌ في دين الإسلام، وهو من جنس عبادة الأوثان، وهو الذي أخبر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن أهله شرار الخلق عند اللَّه يوم القيامة.
قال: وتصوير الصور للتأنّس برؤيتها، أو للتنزّه بذلك للتلهّي محرّمٌ، وهو من الكبائر، وفاعله من أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة، فإنه ظالم ممثّلٌ بافعال اللَّه تعالى التي لا يقدر على فعلها غيره، واللَّه تعالى ليس كمثله شيء في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله. انتهى كلام ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١). وهو بحثٌ نفيسٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.
٣ - (ومنها): تحريم تصوير الحيوان خصوصًا الآدميّ، ولا سيّما الرجل الصالح، وحمل بعضهم الوعيد على من كان في ذلك الزمان؛ لقرب العهد بعبادة الأوثان، وأما الآن فلا، وقد أطنب ابن دقيق العيد في ردّ ذلك عليه، وأحسن في ذلك، ودونك نصّه:
قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد تظاهرت دلائل الشريعة على المنع من التصوير والصور، ولقد أبعد غاية البعد من قال: إن ذلك محمول على الكراهة، وإن هذا التشديد