للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بدّ من إقامة الصلاة، ولا تجزئه إقامة أهل المصر، ولا يؤذّن، واستحبّ ابن المنذر أن يؤذّن ويقيم. انتهى (١).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا مذهب ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، وبعض السلف من أصحابه وغيرهم، أنه لا يُشْرَع الأذان ولا الإقامة من يصلي وحده في البلد الذي يؤذَّن فيه ويقام لصلاة الجماعة العظمى، بل يكفي أذانهم وإقامتهم، وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف إلى أن الإقامة سنة في حقه، ولا يكفيه إقامة الجماعة، واختلفوا في الأذان، فقال بعضهم: يشرع له، وقال بعضهم: لا يشرع، ومذهبنا الصحيح أنه يشرع له الأذان إن لم يكن سمع أذان الجماعة، وإلا فلا يُشْرَع. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الحقّ مشروعيّة الأذان والإقامة من يُصلّي وحده في بيته لعذر؛ لأن الأدلّة التي وردت في الأذان والإقامة تعمّه، فلا يخرج من عمومها إلا بدليل، وأما ما فعله ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، فهذا رأيه، ولم يُسنده إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلا يكون حجة.

وقد استحبّ ابن المنذر: الأذان والإقامة من صلّى وحده، واحتجّ له بحديث مالك بن الحويرث حيث قال له النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ولابن عمه: "إذا سافرتما فأذنا، وأقيما، وليؤمكما أكبركما"، رواه الترمذيّ، وقال: حسن صحيح.

وفي رواية الشيخين: "فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم".

قال ابن المنذر: فقد أمرهما النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالأذان ولا جماعة معهما.

واحتجّ أيضًا بما أخرجه الشيخان عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاريّ ثم المازنيّ، عن أبيه أنه أخبره، أن أبا سعيد الخدريّ قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك، فأذنت بالصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنّ، ولا إنس، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة، قال أبو سعيد: سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.


(١) "المفهم" ٢/ ١٣٢.