للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَنْ مِيقَاتِهَا) أي عن وقتها المعتاد في السنّة، قال النووي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: يؤخّرونها عن وقتها المختار، وهو أول وقتها، لا عن جميع وقتها. انتهى.

وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللَّهُ -: هذا وقع في بني أميّة، وكذلك أخّر عمر بن عبد العزيز العصر، فدخل عليه عروة بن الزبير، فأنكر عليه، وكأن بني أميّة كانوا قد ذهبوا إلى أن تأخير الصلاة إلى آخر وقتِها أفضل، كما هو قياس قول أبي حنيفة، حيث قال: إن آخر الوقت هو وقت الوجوب. انتهى (١).

[تنبيه]: ظاهر هذا السياق يدلّ أنّ قوله: "إنه ستكون عليكم أمراء. . . إلخ" موقوف من كلام ابن مسعود، لكن مثل هذا، وإن كان موقوفًا لفظًا، إلا أنه مرفوعٌ حكمًا؛ لأنه مما لا يقال بالرأي، ويؤيّد هذا ما جاء رفعه صريحًا فيما أخرجه المصنّف من حديث أبي ذرّ -رضي اللَّه عنه- قال: قال لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كيف أنت إذا كانت عليك أمراء، يؤخرون الصلاة عن وقتها، أو يميتون الصلاة عن وقتها؟ " قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: "صَلِّ الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصلّ، فإنها لك نافلة" (٢).

وأخرج الإمام أحمد في "مسنده" بسند حسن، عن شدّاد بن أوس -رضي اللَّه عنه-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "سيكون من بعدي أئمة يميتون الصلاة عن مواقيتها، فصلوا الصلاة لوقتها، واجعلوا صلاتكم معهم سبحة" (٣)، واللَّه تعالى أعلم.

(وَيَخْنُقُونَهَا) بضمّ النون، يقال: خَنَقَه يَخْنُقُهُ، من باب قتل خَنِقًا، مثل كَتِفٍ، ويُسكّن للتخفيف (٤)، وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه يُضَيّقون وقتها، ويتركون أداءها إلى ذلك الحين، يقال: هم في خِنَاق من كذا، أي في ضيق، والْمُخْتَنِقُ الْمُضَيّق. انتهى (٥).

(إِلَى شَرَقِ الْمَوْتَى) بفتح الشين والراء، قال ابن الأعرابيّ: فيه معنيان:


(١) "المفهم" ٢/ ١٣٣.
(٢) سيأتي للمصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- برقم (٦٤٨).
(٣) حديث حسنٌ، أخرجه أحمد في "مسنده" برقم (١٦٦٧٣).
(٤) "المصباح" ١/ ١٨٣.
(٥) "إكمال المعلم" ٢/ ٤٥٦، و"شرح النووي" ٥/ ١٦.