للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحدهما: أن الشمس في ذلك الوقت، وهو آخر النهار إنما تبقى ساعة، ثم تغيب.

والثاني: أنه من قولهم: شَرِق الميت بريقه، من باب تَعِبَ، إذا لم يَبْقَ بعده إلا يسيرًا، ثم يموت.

وقال الأثير: قوله: "شَرَق الموتى": له معنيان: أحدهما: أنه أراد به آخر النهار؛ لأن الشمس في ذلك الوقت إنما تَلْبث قليلًا، ثم تغيب، فشبّه ما بقي من الوقت ببقاء الشمس تلك الساعة.

والآخر: من قولهم: شَرِق الميت بريقه: إذا غُصّ به، فشبّه قلّة ما بقي من الوقت بما بقي من حياة الشَّرِق بريقه إلى أن تخرج نَفْسُهُ، وسئل الحسن بن محمد ابن الحنفية عنه؟ فقال: ألم تر إلى الشمس إذا ارتفعت عن الحيطان، فصارت بين القبور كأنها لُجّة؟ فذلك شَرَق الموتى، يقال: شَرِقَت الشمس شَرَقًا: إذا ضَعُف ضوؤها. انتهى (١).

وقيل: شرق الموتى: إذا ارتفعت الشمس عن الطلوع يقال: ساعة الموتى، وقيل: هو اصفرارها عند غروبها (٢).

(فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ قَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ) أي إذا رأيتم تأخير الأمراء الصلاة مثل هذا التأخير (فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِمِيقَاتِهَا) أي لوقتها المعتاد في السنّة (وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً) بضم السين، وإسكان الباء: هي النافلة.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: صَلُّوا في أول الوقت، يسقط عنكم الفرض، ثم صلُّوا معهم متى صَلَّوا؛ لتحرزوا فضيلة أول الوقت، وفضيلة الجماعة، ولئلا تقع فتنة بسبب التخلف عن الصلاة مع الإمام، وتختلفَ كلمة المسلمين، وفيه دليل على أن من صلى فريضةً مرتين تكون الثانية سنةً، والفرض سقط بالأولى، وهذا هو الصحيح عند أصحابنا، وقيل: الفرض أكملهما، وقيل: كلاهما، وقيل: إحداهما مبهمةً، وتظهر فائدة الخلاف في مسائل معروفة. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذه الأقوال كلها ساقطة، غير الأول؛


(١) "النهاية في غريب الأثر" ٢/ ٤٦٥.
(٢) "إكمال المعلم" ٢/ ٤٥٦.