للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لمخالفتها النصّ، فالحديث نصّ في أن الثانية نافلة، فلا وجه للترديدات المذكورة، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

(وَإِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً، فَصَلُّوا جَمِيعًا) أي مجتمعين صفًّا واحدًا، يكون الإمام فيه وسطًا، كما فعل ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- بالأسود وعلقمة (وَإِذَا كُنْتُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) أي من الثلاثة (فَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ) أي ليتقدّم أمامكم، وتصفّون وراءه (وَإِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ، فَلْيُفْرِشْ) بضمّ الراء، وكسرها، يقال: فَرَشتُ البساط وغيره فَرْشًا، من باب قتل، وفي لغة من باب ضرب: بسطته، وأفرشته، فافترشَ هو، وهو الفِراشُ بالكسر، فِعَالٌ بمعنى مفعول، مثلُ كتاب؛ قاله الفيّوميّ (١).

وقوله: (ذِرَاعَيْهِ) منصوب على المفعوليّة، أي يبسطهما (عَلَى فَخِذَيْهِ) متعلّق بـ "يفرِشُ" (وَلْيَجْنَأْ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هو بفتح الياء، وإسكان الجيم، آخره مهموز، هكذا ضبطناه، وكذا هو في أصول بلادنا، ومعناه: يَنْعَطِف، وقال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: رُوي: "وَلْيَجْنَأْ" كما ذكرناه، ورُوي "ولْيَحْنِ" بالحاء المهملة، قال: وهذا رواية أكثر شيوخنا، وكلاهما صحيح، ومعناه: الانحناء والانعطاف في الركوع، قال: ورواه بعض شيوخنا بضم النون، وهو صحيح في المعنى أيضًا، يقال: حَنَيْتَ الْعُودَ، وحَنَوتُهُ: إذا عطفته، وأصل الركوع في اللغة: الخضوع، والذِّلّة، وسُمِّي الركوع الشرعيُّ ركوعًا، لما فيه من صورة الذِّلّة، والخضوع، والاستسلام. انتهى.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ -: قوله: "ولْيَحْنِ" رواية الْعُذريّ بضمّ النون، من حَنَوْتُ العودَ: إذا عطفته، ورواية أكثر الشيوخ بكسر النون، من حَنَيتُ العُود، وهما لغتان، وعند الطبريّ: "فليَجْنَأْ" بالجيم وفتح النون، وبهمزة في آخره، وكلها صحيح، والمراد به الانحناء في الركوع، وهو تَعَقُّف الصلْب، يقال: حَنَا على الشيء يَحْنُو حَنْوًا بالحاء، وجَنَأ يَجَنأ جَنًا وجُنُوءًا (٢) بالجيم والهمز: إذا فعل ذلك، وأصل الركوع في لغة العرب: الخضوع والذِّلّة، قال شاعرهم [من الخفيف]:


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٦٨.
(٢) من بابيّ نفَعَ، وفَرَحَ، كما تفيده عبارة "القاموس".