للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد أجاب العلماء عن الإشكال أيضًا بأجوبة أخرى:

[منها]: أن مطلقه مقيدٌ بمن قالها تائبًا، ثم مات على ذلك.

[ومنها]: أن ذلك كان قبل نزول الفرائض، وفيه نظرٌ؛ لأن مثل هذا الحديث وقع لأبي هريرة - رضي الله عنه - كما رواه مسلم في الحديث الماضي، وصحبته متأخرة عن نزول أكثر الفرائض، وكذا ورد نحوه من حديث أبي موسى - رضي الله عنه -، رواه أحمد بإسناد حسن، وكان قدومه في السنة التي قَدِمَ فيها أبو هريرة - رضي الله عنه -.

[ومنها]: أنه خَرَجَ مَخْرَج الغالب؛ إذ الغالب أن الموحِّد يعمل الطاعة، ويجتنب المعصية.

[ومنها]: أن المراد بتحريمه على النار تحريم خلوده فيها، لا أصل دخولها.

[ومنها]: أن المراد النار التي أُعِدَّتْ للكافرين، لا الطبقة التي أُفردت لعصاة الموحدين.

[ومنها]: أن المراد بتحريمه على النار حرمة جملته؛ لأن النار لا تأكل مواضع السجود من المسلم، كما ثبت في حديث الشفاعة، أن ذلك مُحَرَّم عليها، وكذا لسانه الناطق بالتوحيد، والعلم عند الله تعالى، انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أقرب الأجوبة عندي الجواب الأخير، وهو الذي قدّمه القرطبيّ رحمه الله تعالى في بحثه السابق، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) معاذ - رضي الله عنه - (يَا رَسُولَ الله، أَفلَا أُخْبِرُ بِهَا) أي بهذه البشارة (النَّاسَ، فَيَسْتَبْشِرُوا؟) بحذف نون الرفع؛ لكونه منصوبًا بوقوعه بعد الفاء السببيّة، كما قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ فَا جَوَابِ نَفْيٍ أَوْ طَلَبْ … مَحْضَيْنِ "أَنْ" وَسَتْرُهُ حَتْمٌ نَصَبْ

ووقع عند البخَاريّ في رواية أبي ذرّ: "فيستبشرون" بثبوت النون، قال في "الفتح": كذا لأبي ذر، أي: فهم يستبشرون، وللباقين بحذف النون، وهو أَوْجَهُ؛ لوقوع الفاء بعد النفي، أو الإستفهام، أو العرض، وهي تنصب في كل ذلك، انتهى (٢).


(١) راجع: "الفتح" ١/ ٢٧٣.
(٢) "الفتح" ١/ ٢٧٣.