(حَتَّى تُصْبِحُوا) أي حتى تدخلوا في الصباح، وهي هنا تامّة لا تحتاج إلى خبر، كقوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧)}، قال في "الخلاصة":
وقوله:(تَنْظُرُونَ إِلَيْهِ) جملة حاليّة من الفاعل، وفي نسخة:"فتنظروا إليه"، فيكون منصوبًا بالعطف على "تصبحوا"، وقوله:(أَجْمَعُونَ) توكيد للضمير الفاعل (أَوْ) للشكّ من الراوي، أي قال بدل "أجمعون"(كُلُّكُمْ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ أَخي سُلَيْمَانَ) -عليه السلام-، قال في "العمدة": والأخوة بين سليمان وبين النبيّ صلى اللَّه عليهما وسلم بحسب أصول الدين، أو بحسب المماثلة في الدين. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أخي" إشارة إلى ما أخرجه الشيخان، واللفظ للبخاريّ عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لِعَلّات، أمهاتهم شَتّى، ودينهم واحد".
({رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا يدلّ على أن ملك الجنّ، والتصرّف فيهم بالقهر مما خُصّ به سليمان -عليه السلام-، وسبب خُصُوصيّته دعوته التي استُجيبت له حيث قال:{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}[ص: ٣٥]، ولَمّا تحقّق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الخصوصتة امتنع من تعاطي ما همّ به من أخذ الجنيّ وربطه.
[فإن قيل]: كيف يتأتّى ربطه وأخذه واللعب به مع كون الجنّ أجسامًا لطيفةً روحانيّةً؟.
[قلنا]: كما تأتّى ذلك لسليمان -عليه السلام- حيث جعل اللَّه تعالى له منهم {كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (٣٨)} [ص: ٣٧ - ٣٨]، ولا شكّ أن اللَّه تعالى أوجدهم على صُوَر تخصّهم، ثم مكنهم من التشكّل في صور مختلفة، فيتمثّلون في أيّ صورة شاؤوا، وكذلك فعل اللَّه بالملائكة، كما قال تعالى:{فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا}[مريم: ١٧] وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلًا،