للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يستطيعون أن يغووا من شاءوا، وهو لا يراهم حتى لا يحاول الدفاع عن نفسه، واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: كتب بعضهم ما نصّه:

[فإن قلت]: أما يُشبه الحسد والحرص على الاستبداد بالنعمة أن يستعطي اللَّه ما لا يُعطيه غيره؟ - يعني قول سليمان -عليه السلام-: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: ٣٥].

[قلت]: كان سليمان عليه السلام ناشئًا في بيت الملك والنبوّة ووارثًا لهما، فأراد أن يطلب من ربّه معجزةً، فطلب على حسب إلفه ملكًا زائدًا على الممالك زيادة خارقةً للعادة بالغةً حدّ الإعجاز؛ ليكون ذلك دليلًا على نبوّته، قاهرًا للمبعوث إليهم، وأن يكون معجزةً حتى يخرق العادات، فذلك معنى قوله: {لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: أسلوب هذا السؤال والجواب فيه سوء أدب؛ إذ مثله لا ينبغي أن يوجّه إلى الأنبياء عليهم السلام وإنما كتبته للتنبيه عليه، فتنبّه أيها الطالب، ولا تغترّ بمثله، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(فَرَدَّهُ اللَّهُ) أي العفريت، حال كونه (خَاسِئًا") أي ذليلًا صاغرًا مطرودًا مُبعَدًا، وقال في "اللسان": الخاسئ من الكلاب، والخنازير، والشياطين: البعيد الذي لا يُتْرَكُ أن يدنو من الناس، والخاسئ: المطرود، وخَسَأَ الكلبَ يَخْسَؤُهُ خَسْأً وخُسُوءًا، فَخَسَأَ، وانخسأ: طَرَدَهُ، قال الراجز:

كَالْكَلْبِ إِنْ قِيلَ لَهُ اخْسَإِ انْخَسَأْ

أي إن طردته انطرد، وقال الليث: خَسَأت الكلبَ: أي زجرته، فقلت له: اخسَأْ، ويقال خَسَأته فَخَسَأَ: أي أبعدته فبَعُدَ، والخاسئ: الْمُبْعَد، ويكون الخاسئ بمعنى الصاغر الذليل، وخَسَأ الكلبُ بنفسه يَخْسأ خُسُوءًا يتعدى ولا يتعدى. انتهى (١).

وقوله: (وَقَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ) يعني شيخه الثاني إسحاق بن منصور (شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ) المراد أن إسحاق بن منصور قال في روايته: حدَّثنا النضر،


(١) "لسان العرب" ١/ ٦٥.