قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الصحيح الذي عليه المحققون، والأكثرون من أهل اللغة والغريب والمحدثين، وبه قال أصحابنا في كتب المذهب أن المختَصِر هو الذي يصلي، ويده على خاصرته. انتهى.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ويؤيده ما رواه أبو داود، والنسائيّ من طريق سعيد بن زياد، عن زياد بن صُبَيح، قال: صليت إلى جنب ابن عمر، فوضعت يدي على خاصرتي، فلما صلى، قال: هذا الصَّلْب في الصلاة، وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ينهى عنه. انتهى. وسيأتي ما قاله أهل العلم في سبب النهي في المسألة الرابعة، إن شاء اللَّه تعالى.
والحديث دليل على تحريم الاختصار في الصلاة، وبه يقول أهل الظاهر، وهو الظاهر؛ إذ لا صارف للنهي عنه، كما سيأتي تحقيقه في المسألة الخامسة -إن شاء اللَّه تعالى-.
وقوله:(وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ) هو ابن أبي شيبة شيخه الثاني (قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) يعني أنه صرّح برفع الحديث، فإن رواية الحكم كانت صورتها صورة الموقوف، وإن كان لها حكم الرفع؛ لأن قول الصحابيّ:"نُهِيَ عن كذا" يعطى حكم الرفع، كما هو مذهب جمهور المحدثون، وإن خالف في ذلك بعضهم، قال الحافظ السيوطيّ في "ألفية الحديث":
وأخرج الحديث الإمام أحمد في "مسنده"(٢/ ٢٩٠) عن يزيد بن هارون عن هشام موقوفًا، بلفظ:"نُهِيَ عن الاختصار في الصلاة". وزاد بعده: قال: قلنا لهشام: ما الاختصار؟ قال: يَضَع يده على خَصْره، وهو يصلي. قال يزيد: قلنا لهشام: ذكره عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال برأسه: نعم، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا مُتّفقٌ عليه.