للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التأخير، وحَكَى المتولي وجهًا أنه يبدأ بالأكل، وإن خرج الوقت؛ لأن مقصود الصلاة الخشوع، فلا يفوته. انتهى (١).

قال في "الفتح": وهذا إنما يجيء على قول من يوجب الخشوع، ثم فيه نظر؛ لأن المفسدتين إذا تعارضتا اقتصر على أخفهما، وخروج الوقت أشدّ من ترك "الخشوع بدليل صلاة الخوف والغَرِيق وغير ذلك، وإذا صلّى لمحافظة الوقت صحّت مع الكراهة، وتستحب الإعادة عند الجمهور.

وادعى ابن حزم: أن في الحديث دلالةً على امتداد الوقت في حقّ من وُضِع له الطعام، ولو خرج الوقت المحدود، وقال مثل ذلك في حق النائم والناسي.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: النصوص المذكورة لا تدلّ على ما ادعاه، فتأملها بالإنصاف، واللَّه تعالى أعلم.

٣ - (ومنها): أن النووي وغيره استَدَلُّوا بحديث أنس -رضي اللَّه عنه- على امتداد وقت المغرب.

وتعقّبه ابن دقيق العيد: بأنه إن أريد بذلك التوسعة إلى غروب الشفق ففيه نظر، وإن أريد به مطلق التوسعة، فمسلَّم، ولكن ليس محلَّ الخلاف المشهور، فإن بعض من ذهب إلى ضيق وقتها جعله مُقَدَّرًا بزمن يدخل فيه مقدار ما يتناول لقيمات يكسر بها سَوْرة الجوع.

وقال ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفي أحاديث الباب دليلٌ على أن وقت المغرب متّسع، وأنه لا يفوت بتأخير الصلاة فيه عن أول الوقت، ولولا ذلك لَمْ يأمر بتقديم الْعَشَاء على صلاة المغرب من غير بيانٍ لحدّ التأخير، فإن هذا وقت حاجة إلى البيان، فلا يجوز تأخيره عنه، واللَّه أعلم. انتهى (٢).

٤ - (ومنها): أنه استدلّ به القرطبيّ على أن شهود صلاة الجماعة ليس بواجب؛ لأن ظاهره أنه يشتغل بالأكل، وإن فاتته الصلاة في الجماعة.

وتُعُقّب بأن من ذهب إلى وجوب الجماعة -وهو الحقّ- جعل حضور


(١) "شرح النوويّ" ٥/ ٤٦.
(٢) "شرح البخاري" لابن رجب ٦/ ١٠٥.