للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أفاده في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الأرجح تعميم الحكم فيمن بدأ بالأكل، ومن لم يبدأ به، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا وُضِع عشاء أحدكم، وأقيمت الصلاة، فابدؤوا بالعشاء، ولا يُعْجَل حتى يَفْرُغ منه"، متّفقٌ عليه، وقوله: "إذا كان أحدكم على الطعام، فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه، وإن أقيمت الصلاة"، متّفقٌ عليه أيضًا، فهذا نصّ يشمل من بدأ بالأكل، ومن لم يبدأ، فتبصر، واللَّه تعالى أعلم.

[فائدتان]:

(الأولى): قال ابن الجوزيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ظَنّ قوم أن هذا من باب تقديم حقّ العبد على حق اللَّه تعالى، وليس كذلك، وإنما هو صيانة لحقّ الحقّ؛ ليدخل في عبادته بقلوب مُقبِلة، ثم إن طعام القوم كان شيئًا يسيرًا لا يقطع عن لَحاق الجماعة غالبًا.

(الثانية): قال الحافظ العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرح الترمذيّ": ما يقع في بعض كتب الفقه: "إذا حَضَر العَشَاء والعِشَاء، فابدؤوا بالعَشَاء" لا أصل له في كتب الحديث بهذا اللفظ. انتهى.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لكن رأيت بخط الحافظ قطب الدين أن ابن أبي شيبة أخرج عن إسماعيل، وهو ابن عُلَيّة، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني عبد اللَّه بن رافع، عن أم سلمة مرفوعًا: "إذا حضر العَشَاء، وحضرت العِشَاء، فابدأوا بالعَشَاء"، فإن كان ضبطه، فذاك، وإلا فقد رواه أحمد في "مسنده" عن إسماعيل بلفظ: "وحَضَرت الصلاة"، قال: ثم راجعت "مصنف ابن أبي شيبة"، فرأيت الحديث فيه كما أخرجه أحمد، واللَّه تعالى أعلم. انتهى (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): رأيت للحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرح البخاريّ" كلامًا مفيدًا في بيان مذاهب العلماء في هذه المسألة، وتحقيقها بما لها وما عليها، فأحببت إيراده هنا، وإن كان تقدّم معظمه، إلا أن في كلامه فوائد وزوائد مهمّة، ودونك خلاصة تحقيقه، قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:


(١) "الفتح" ٢/ ١٨٩ - ١٩٠.
(٢) "الفتح" ٢/ ١٩٠.