والظاهر أن المصنّف: أتبع روايته لهذا الغرض، واللَّه تعالى أعلم.
وقد نظمت القاعدة المذكورة مع زيادة يحيى القطّان، والليث بن سعد إذا روى عن أبي الزبير المكيّ بقولي:
شُعْبَةُ لَا يَرْوِي عَنِ الْمُدَلِّسِ … إِلَّا الَّذِي سَمِعَهُ فَاسْتَأْنِسِ
لِذَا إِذَا رَوَى عَنِ الأَعْمَشِ أَوَ … قَتَادَةٍ أَوِ السَّبِيعِي مَا رَوَوْا
مُعَنْعَنًا لَا تَخْشَ تَدْلِيسًا فَقَدْ … كَفَاكَهُ هَذَا الإِمَامُ الْمُعْتَمَدْ
كَذَلِكَ الْقَطَّانُ لَا يَرْوِي لِمَنْ … دَلَّسَ مَا لَيْسَ شَمَاعًا يُؤْتَمَنْ
كَذَاكَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ اللَّيْثُ إِنْ … رَوَى فَلَا تَدْلِيسَ يُخْشَى يَا فَطِنْ
فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرَ مَا … سَمِعَهُ مِنْ جَابِر فَلْتَعْلَمَا
هَذِي فَوَائِدُ عَزِيزَةُ الْمَنَالْ … يَصبُو لَهَا مَنْ هَمُّهُ ضَبْطُ الرِّجَالْ
والحاصل أن الحديث صحيح من الطريق الذي أخرجه المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في فوائده:
١ - (منها): بيان فضل عمر -رضي اللَّه عنه-، وعلمه بتعبير الرؤيا، فقد وقع ما فسّر به رؤياه نقر الديك له ثلاث نَقَرات مطابقًا، حيث طعنه العلج ثلاث طعنات، فمات منها، وقد أخبر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنه من الْمُحَدّثين، فقد أخرج البخاريّ، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقد كان فيما قبلكم من الأمم مُحَدَّثون، فإن يكُ في أمتي أحد، فإنه عمر"، وفي لفظ: "لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل، رجال يُكَلَّمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر".
وأخرج مسلم عن عائشة -رضي اللَّه عنها-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يقول: "قد كان يكون في الأمم قبلكم مُحَدَّثون، فإن يكن في أمتي منهم أحدٌ، فإن عمر بن الخطاب منهم"، قال ابن وهب: تفسير مُحَدَّثون: مُلْهَمُون.
٢ - (ومنها): أنه حجة للإلحاح في سؤال العالم، ومباحثته، وجواز تأديب المعلِّم للمتعلّم إذا رآه أسرف في ذلك.
٣ - (ومنها): أن قوله: "إن اللَّه لا يضيع دينه ولا خلافته" فيه حجة لما