قالت:"جاء حَبَشٌ يَزْفِنُون في يوم عيد في المسجد، فدعاني النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فوضعت رأسي على منكبه، فجعلت انظر إلى لعبهم، حتى كنت أنا التي أنصرف عن النظر إليهم".
قولها:"يَزْفنون" من باب ضرب: أي يَثِبُون، ويلعبون بحرابهم، كهيئة الرَّقْص.
٤ - (ومنها): ما قاله القاضي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد منع بعض أهل العلم تعليم الصبيان في المساجد، فإن كان منعهم ذلك لأجل أخذ الأجرة على ذلك التعليم، فيكون ضربًا من البيع في المسجد، ويجري ذلك أيضًا في غير الصبيان إذا كان بأجرة، وإن كان لمضرّة المسجد بالصبيان لم يَشْرَكهم في ذلك إلا من شاركهم في هذه العلة. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: القول بمنع تعليم الصبيان في المسجد إذا لم يترتّب عليه ضرر، غير صحيح؛ لأن تعليم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- للكبار والصغار كان في المسجد، وكذلك في عهد الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، ولم تُبْنَ المدارس المعروفة إلا متأخّرة، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
٥ - (ومنها): أن فيه دلالة على النهي من رفع الصوت في المسجد بأمر دنيويّ، كالبيع والشراء، فقد أخرج الترمذيّ بإسناد صحيح، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"إذا رأيتم من يبيع، أو يبتاع في المسجد، فقولوا: لا أربح اللَّه تجارتك، وإذا رأيتم من يَنْشُد فيه ضالّةً، فقولوا: لا رد اللَّه عليك".
٦ - (ومنها): أن نشد الضالّة في المسجد جريمة يستحقّ صاحبها أن يُدعى عليه بعدم وجدان مطلوبه؛ عقوبةً له على مخالفته، وعصيانه، فينبغي لسامعه أن يقول له:"لا ردّها اللَّه عليه"، أو "لا وجدت، فإن المساجد لم تُبْنَ لهذا"، كما قاله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، واللَّه تعالى أعلم.
٧ - (ومنها): أن المازريّ استنبط من الحديث منع السؤال في المسجد.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: السائل في المسجد، قيل: يحرم إعطاؤه، وقيل: لا، وقيل: إن كان يتضرّر به أهل المسجد، بأن يرفع صوته، ويُشوّش