على المصلّين، أو يمرّ بين يدي مصلّ، أو يسأل بإلحاف، حرم إعطاؤه؛ لكونه إعانةً على ممنوع، وإلا جاز إعطاؤه، وهذا التفصيل هو الصواب؛ لثبوت أدلّته في الأحاديث الصحيحة.
فقد أخرج أبو داود في "سننه" بسند صحيح، عن عبد الرحمن بن أبي بكر -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هل منكم أحدٌ أطعم اليومَ مسكينًا؟ "، فقال أبو بكر -رضي اللَّه عنه-: دخلت المسجد، فإذا أنا بسائل يسأل، فوجدت كِسْرَة خُبْز في يد عبد الرحمن، فأخذتها منه، فدفعتها إليه".
فهذا يدلّ على جواز السؤال في المسجد، حيث أقرّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أبا بكر في إعطائه السائل في المسجد.
والحديث أخرجه مسلم مطوّلًا دون ذكر المسجد، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ "، قال أبو بكر -رضي اللَّه عنه-: أنا، قال: "فمن تبع منكم اليوم جنازةً؟ "، قال أبو بكر -رضي اللَّه عنه-: أنا قال: "فمن أطعم منكم اليومَ مسكينًا؟ "، قال أبو بكر -رضي اللَّه عنه-: أنا، قال: "فمن عاد منكم اليومَ مريضًا؟ "، قال أبو بكر -رضي اللَّه عنه-: أنا، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما اجتمعن في امرئ، إلا دخل الجنة".
وأخرج مسلم عن المنذر بن جرير، عن أبيه -رضي اللَّه عنه- قال: كنا عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في صدر النهار، قال: فجاءه قوم حُفَاةٌ، عُرَاةٌ، مُجْتَابِي النِّمَار، أو العباء، مُتَقَلِّدي السيوف، عامتهم من مُضَر، بل كلهم من مضر، فَتَمَعَّر وجِه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمَا رأى بهم من الفاقة، فدخل، ثم خرج، فأمر بلالًا، فأَذَّن وأقام، فصلّى، ثم خطب. . . الحديث، وفيه: "تَصَدَّق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة. . ." الحديث.
وروى البيهقيّ أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر سُليكًا الغطفانيّ بالصلاة يوم الجمعة في حال الخطبة؛ ليراه الناس، فيتصدّقوا عليه، وأمرهم بالصدقة، وهو على المنبر (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.