للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شيء أثقل عليه من السجود؛ لما لَحِقه ما لحِقه بسبب الامتناع عن السجود لآدم عليه السلام.

وفيه دلالة على أنه لا زيادة على السجدتين، وإن تكرر السهو.

(وَهُوَ جَالِسٌ) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الحديث مقصوده الأمر بالسجود عند السهو، وهل ذلك بعد السلام، أو قبله؟ لم يَتعرَّض له فيه، وقد رُوي عن مالك والليث أنهما حملا هذا الحديث على المستنكح، وهو الذي يغالبه النعاس (١)، وليس في الحديث ما يدلّ عليه، وما قالاه ادّعاء تخصيص، ولا بُدّ من دليله، على أنه قد اختَلَفَ قول مالك في المستنكح، هل عليه سجودٌ أم لا؟ بل نقول: إن في الحديث ما يدلّ على نقيض ما قالاه، وهو قوله: "فإذا وَجد أحدكم"، وهذا خطابٌ لعموم المخاطبين، وعمومُهُم السلامة من الاستنكاح، فإنه نادر الوقوع.

وقد ذهب الحسن في طائفة من السلف إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث، فقالوا: ليس على من لم يَدرِ كم صلّى؟ ولا يدري هل زاد أو نقص؟ غير سجدتين، وهو جالسٌ.

وذُكر عن الشعبيّ، والأوزاعيّ، وجماعة كثيرة من السلف أن من لم يدر كم صلّى؟ أعاد أبدًا حتى يتيقّن، والذي ذهب إليه الأكثر أن يُحْمَلَ حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا على مُفَصَّل حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنه- الآتي بعد، ويُردّ إليه، ولا سيّما وقد زاد أبو داود في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- من طريق صحيحة: "وهو جالسٌ قبل أن يُسلِّم"، فيكون مساويًا لحديث أبي سعيد -رضي اللَّه عنه-، فهو هو. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢)، وسيأتي تمام البحث قريبًا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا متّفق عليه، وقد تقدّم


(١) يقال: نكح النعاس عينه: غلبها. انتهى. "القاموس" ١/ ٢٥٤.
(٢) "المفهم" ٢/ ١٧٨ - ١٧٩.