تخريجه، وبقيّة مسائله في كتاب "الصلاة" برقم [٨/ ٨٦٥](٣٨٩)، فراجعها تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.
(المسألة الثانية): في اختلاف أهل العلم في المراد بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإذا وَجَد ذلك أحدكم، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ":
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختَلَفَ العلماء في المراد به، فقال الحسن البصريّ، وطائفة من السلف بظاهر الحديث، وقالوا: إذا شكّ المصلّي، فلم يَدْرِ، زاد أو نقص؟ فليس عليه إلا سجدتان، وهو جالسٌ؛ عملًا بَظاهر هذا الحديث.
وقال الشعبيّ، والأوزاعيّ، وجماعة كثيرة من السلف: إذا لم يدر كم صلّى، لزمه أن يُعِيد الصلاة مرةَّ بَعد أخرى أبدًا حتى يَسْتَيقِن.
وقال بعضهم: يُعيد ثلاث مرّات، فإذا شك في الرابعة فلا إعادة عليه. وقال مالك، والشافعيّ، وأحمد، والجمهور -رحمهم اللَّه-: متى شك في صلاته، هل صلى ثلاثًا، أم أربعًا؟ مثلًا، لزمه البناء على اليقين، فيجب أن يأتي برابعة، ويسجد للسهو؛ عملًا بحديث أبي سعيد -رضي اللَّه عنه-، وهو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يَدْر كم صلّى، ثلاثًا أم أربعًا، فليطرح الشكّ، ولْيَبْنِ على ما استَيْقَنَ، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلِّم، فإن كان صلّى خمسًا شَفَعْنَ له صلاته، وإن كان صلّى إتمامًا لأربع كانتا ترغيمًا للشيطان".
قالوا: فهذا الحديث صريح في وجوب البناء على اليقين، وهو مُفَسِّرٌ لحديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، فيُحْمَل حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- عليه، وهذا متعينٌ، فوجب المصير إليه، مع ما في حديث أبي سعيد -رضي اللَّه عنه- من الموافقة لقواعد الشرع في الشكّ في الإحداث، والميراث من المفقود وغير ذلك. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: خلاصة القول في هذه المسألة أنه ليس في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا أكثر من أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بسجدتين عند السهو في الصلاة، وليس فيه بيان ما يصنعه مَنْ وقع له ذلك، والأحاديثُ الأخرى قد اشتَمَلت على زيادةٍ، هي بيانُ ما هو الواجب عليه عند ذلك من غير السجود،