وأيضًا فقصة ذي اليدين وقع السجود فيها بعد السلام، وهي عن نقصان.
وأما قول النوويّ: أقوى المذاهب فيها قولُ مالك، ثم أحمد، فقد قال غيره: بل طريق أحمد أقوى؛ لأنه قال: يُستَعْمَل كلُّ حديث فيما ورد فيه، وما لم يَرِد فيه شيء يسجد قبل السلام، قال: ولولا ما رُوي عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك لرأيته كلَّه قبل السلام؛ لأنه من شأن الصلاة، فيفعله قبل السلام.
وقال إسحاق مثله، إلا أنه قال: ما لم يرد فيه شيء يُفَرَّق فيه بين الزيادة والنقصان، فحرَّر مذهبه من قولي أحمد ومالك، وهو أعدل المذاهب فيما يظهر.
وأما داود فجرى على ظاهريته، فقال: لا يُشرَع سجود السهو إلا في المواضع التي سجد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها فقط، وعند الشافعيّ سجود السهو كلُّه قبل السلام، وعند الحنفية كلُّه بعد السلام.
واعتمد الحنفية على حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-.
وتُعُقِّب بأنه لم يَعْلَم بزيادة الركعة إلا بعد السلام، حين سألوه، هل زيد في الصلاة؟، وقد اتَّفق العلماء في هذه الصورة على أن سجود السهو بعد السلام؛ لتعذره قبله؛ لعدم علمه بالسهو، وإنما تابعه الصحابة -رضي اللَّه عنهم- لتجويزهم الزيادة في الصلاة؛ لأنه كان زمان توقع النسخ.
وأجاب بعضهم بما وَقَع في حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- من الزيادة، وهي:"إذا شك أحدكم في صلاته، فليَتَحَرَّ الصواب، فليتم عليه، ثم لْيُسَلِّم، ثم يسجد سجدتين".
وأجيب بأنه معارَضٌ بحديث أبي سعيد -رضي اللَّه عنه- عند مسلم، ولفظه:"إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر كم صلّى، فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم"، وبه تمسك الشافعية.
وجَمَع بعضهم بينهما بحمل الصورتين على حالتين، ورَجَّح البيهقي طريقة التخيير في سجود السهو قبل السلام أو بعده.
ونَقَل الماورديّ وغيره الإجماع على الجواز، وإنما الخلاف في الأفضل، وكذا أطلق النوويّ.
وتُعُقِّب بأن إمام الحرمين نَقَل في "النهاية" الخلاف في الإجزاء عن