المذهب، واستبعد القول بالجواز، وكذا نَقَل القرطبيّ الخلاف في مذهبهم، وهو مخالف لما قاله ابن عبد البرّ: إنه لا خلاف عن مالك أنه لو سجد للسهو كله قبل السلام أو بعده أن لا شيء عليه، فيُجْمَع بأن الخلاف بين أصحابه.
والخلافُ عند الحنفية، قال القدوريّ: لو سجد للسهو قبل السلام رُوي عن بعض أصحابنا لا يجوز؛ لأنه أداء قبل وقته، وصَرَّح صاحب "الهداية" بأن الخلاف عندهم في الأولوية.
وقال ابن قدامة في "المقنع": مَن تَرَك سجود السهو الذي قبل السلام بطلت صلاته إن تعمد، وإلا فيتداركه ما لم يطل الفصل.
ويمكن أن يقال: الإجماع الذي نقله الماورديّ وغيره قبل هذه الآراء في المذاهب المذكورة.
وقال ابن خزيمة: لا حجة للعراقيين في حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-؛ لأنهم خالفوه، فقالوا: إن جلس المصلِّي في الرابعة مقدار التشهد أضاف إلى الخامسة سادسةً، ثم سلَّم، وسجد للسهو، وإن لم يجلس في الرابعة لم تصحّ صلاته، ولم يُنْقَل في حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- إضافة سادسة، ولا إعادةٌ، ولا بُدّ من أحدهما عندهم، قال: ويَحْرُم على العالم أن يخالف السنة بعد علمه بها. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد اتّضح مما سبق من عرض آراء العلماء في مسألة كون سجود السهو قبل السلام، أو بعده، وذكر أدلّتهم أن الأرجح هو القول بالتخيير بين السجود قبل السلام أو بعدها فيما لا نصّ فيه.
والحاصل أن ما جاء النصّ فيه بأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سجد فيه قبل السلام فهو قبل السلام، وما جاء أنه سجد فيه بعد السلام فهو بعد السلام على موافقة النصّ، وما ليس فيه نصّ فالساهي بالخيار، إن شاء سجد قبل السلام، وإن شاء سجد بعد السلام.
قال الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأحسن ما يقال في المقام: إنه يعمل على ما تقتضيه أقواله وأفعاله -صلى اللَّه عليه وسلم- من السجود قبل السلام وبعده، فما كان من أسباب