ومحمد بن أبان، فاتفقوا على ترك هذه الزيادة في آخر الحديث، مع اتفاق كلّ من روى التشهد عن علقمة وغيره عن ابن مسعود على ذلك. انتهى كلام الشوكاني -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
وقد تأول القاضي أبو بكر ابن العربي في "شرح الترمذي" ٢/ ١٩٩ حديث ابن مسعود هذا: بأنه إنما يَعْنِي به فقد قضيت صلاتك، فاخرج منها بتحليل كما دخلتها بإحرام. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: قد تبيّن بما تقدم أن الحقّ كون هذه الزيادة مدرجةً من كلام ابن مسعود، وقد عارضها ما صحّ عنه عند البيهقي، وابن حزم من إيجابه السلام فرضًا، فلا تكون حجة أصلًا، وقد صح لدينا قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وتحليلها التسليم" مع مواظبته على التسليم من الصلاة من دون أن يوجد منه إخلال بذلك، ولو مرة واحدة، وقد قال:"صلّوا كما رأيتموني أصلي"، فهذه الأدلة ظاهرة في إيجاب السلام من الصلاة.
والحاصل أن ما عليه الجمهور من كون السلام ركنًا من أركان الصلاة التي لا تتم الصلاة إلا به هو الحقّ، لوضوح أدلّته.
وأما ما حاول به الشوكاني من ترجيح القول بعدم الوجوب فمما لا يعتمد عليه؛ لأنه لم يذكر دليلًا مقنعًا يردّ به أدلة الجمهور، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في حكم التسليمتين:
قال الإمام أبو بكر بن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلف أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومن بعدهم في عدد التسليم، فقالت طائفة: يسلم تسليمتين عن يمينه، وعن شماله، روي هذا القول عن أبي بكر الصدّيق، وعلي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وعبد اللَّه بن مسعود، ونافع بن الحارث، وعطاء بن أبي رباح، وعلقمة، والشعبي، وأبي عبد الرحمن السُّلَميّ، وبه قال سفيان الثوريّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقالت طائفة: يسلّم تسليمة واحدة، كذلك قال ابن عمر، وأنس بن